نام كتاب: صوم عاشورا
سرشناسه : طبسی، نجم الدین، 1334 -
Tabasi, Najm al-Din
عنوان و نام پديدآور : صوم عاشوراء: دراسة فقهیة حول حکم صوم یوم عاشوراء علی ضوءالمذاهب الاسلامیة، و تحقیق فیما ندب الیه الشرع و فیما نسب الیه/ تالیف نجم الدین الطبسی؛ اعداد و نشر دارالولاء للطباعة والنشر والتوزیع.
مشخصات نشر : بیروت: دارالولاء، 1423 ق.= 2002 م.= 1381.
مشخصات ظاهری : 176ص.
يادداشت : عربی.
يادداشت : عنوان عطف: صوم عاشوراء.
یادداشت : کتابنامه: ص. [151]- 164؛ همچنین به صورت زیرنویس.
عنوان عطف : صوم عاشوراء.
موضوع : روزه در عاشورا (فقه)
موضوع : عاشورا
موضوع : فقه تطبیقی
شناسه افزوده : دار الولاء
شناسه افزوده : Dār al-Walā
رده بندی کنگره : BP188/25/ط2ص9 1381
رده بندی دیویی : 297/354
شماره کتابشناسی ملی : 3181057
قطع: وزيري
تعداد جلد: 1
دراسات فقهیة فی مسائل خلافیة
صوم عاشوراء
بین السنه النبویه والبدعه الامویة
دراسة فقهیة حول حکم صوم یوم عاشوراء علی ضوء المذاهب الاسلامیة، وتحقیق فیما ندب الیه الشرع و فیما نسب الیه
ص: 1
ص: 2
ص: 3
ص: 4
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعالَمِينَ و صلي اللّه علي محمد و آله الطاهرين سيّما الإمام المهدي قائم آل محمد، عليه و علي آبائه افضل التحية و السلام.
و بعد:
سمعنا بعض خطباء الجمعة من أهل السنّة من بلاد الشام و غيرهم يؤكّدون في خطبهم- أيّام عاشوراء- علي أهمّيّة هذا اليوم و بركته!!! و انّه يستحبّ فيه الصوم استحبابا مؤكّدا، و انّه اليوم الّذي تاب اللّه فيه علي آدم عليه السلام، و اليوم الّذي أنجي اللّه فيه
موسي عليه السلام …
فخطر في ذهني أن أبدأ بدراسة هذا الموضوع دراسة عميقة نصّا و فتوي مع سبر عمق التاريخ و الأحاديث، للاطّلاع علي جذور هذه المسألة، علي ضوء أصول الفريقين و كتبهم.
ص: 5
ثمّ يعرف- بعد التتبّع و التحقيق- أنّ استحباب صوم عاشوراء الّذي ينوّه باستحبابه و انّه من المسلّمات لم يكن كما يقال، و ذلك انّ الروايات عندنا متعارضة، و كذلك فتاوي الفقهاء و إن كان المشهور هو الاستحباب علي وجه الحزن، و لكن- في المقابل- لنا من يقول بالحرمة أو يميل إليه، كما يوجد من يقول بالكراهة و من يحمل الصوم الوارد في عاشوراء علي المعني اللغوي- و هو الامساك- لكن إلي العصر لا الغروب. هذا بالنسبة إلي فقهاء الاماميّة.
أمّا العامّة: فيري بعض الصحابة كراهة الصوم يوم عاشوراء؛ كعبد اللّه بن عمر و عبد اللّه بن مسعود و غيرهما.
و يري البعض الآخر: حرمة ذلك أو وجوبه (1) و هم أهل المدينة، حيث كان هذا رأيهم إلي عام 44، أو 57 ه. عام قدوم معاوية إليها علي ما يظهر من رواية البخاري.
هذا و قد سمعنا من بعض علماء السنّة في بلوشستان الايرانيّة انّهم يصومون حزنا علي الامام الحسين عليه السّلام، و هو موافق للرأي المشهور عندنا، و إن لم نعثر علي دليل لهم في هذا المجال.
و لا يهمّنا ان نبدي الرأي هنا بقدر ما يهمّنا عرض الآراء و الأدلّة كي يستخلص المحقّق خلال إحاطته بهذه الدراسة رأيه الفقهي.
و قد حاولنا هنا مناقشة الاسناد و بعض الفتاوي و الآراء علي قدر الحاجة.
هذا و لا ندّعي أنّا قدّمنا جديدا إلي المكتبة الفقهيّة الاسلاميّة، إذ الفضل لمن سبق من سلفنا الصالح، كيف لا و قد تناولت موسوعاتهم الفقهيّة و رسائلهم العمليّة في جملة ما تناولته هذا الموضوع و بيان حكمه بالتفصيل، كالسيّد الطباطبائي في الرياض، و المحدّث البحراني في الحدائق، و المحقّق القمي في الغنائم، و الفاضل النراقي في
ص: 6
المستند، و المحقّق النجفي في الجواهر، و السيّد الخوئي في المستند، و السيّد الخوانساري في جامع المدارك، و الشيخ الوالد- الطبسي- في ذخيرة الصالحين، و غيرهم.
و لكن مع ذلك لم نعثر- رغم التتبّع و الفحص- علي رسالة أو كتاب خصّص بهذا الموضوع و أفرد له غير ما وصلنا عن السيّد محمد بن السيّد عبد الكريم الطباطبائي جدّ السيّد محمد مهدي بحر العلوم، و ما عن الشيخ أحمد آل طعان، الآتي ذكر كتابيهما:
1- رسالة في صوم يوم عاشوراء، للسيّد محمد بن السيّد عبد الكريم الطباطبائي البروجردي جدّ السيّد بحر العلوم، ذكرها حفيده في حاشية المواهب. (1)
2- جواب المسألة العاشورائيّة في تفسير عاشوراء و حكم الصوم فيه و تعيين ساعة بعد العصر، يستحبّ فيها الافطار، للشيخ أحمد (2) بن صالح، ذكره ولده: الشيخ محمد صالح (3).
كما عثرنا علي مقالات نشرت في المجلات و الصّحف، و هي:
1- «تحقيق في صوم يوم عاشوراء» للأستاذ حسن توفيق السقّاف نشرته مجلّة الهادي بقم المقدّسة، في عددها الثاني للسنة السابعة عام 1401 ه.
2- «يوم عاشوراء» في اللغة و التاريخ و الحديث، للشيخ محمد هادي الغروي اليوسفي، نشرته مجلّة رسالة الثقلين بقم المقدّسة في عددها الثاني، للسنة الأولي عام …
3- «پيشينه عاشوراء» مقالة بالفارسيّة. للشيخ رضا الاستاذي، نشرته
ص: 7
مجلّة قال عياض: «كان بعض السلف يقول: كان فرضا و هو باق علي فرضيته لم ينسخ». عمدة القاري 11: 118. شرح الزرقاني 2: 178.
«پيام حوزه» بقم المقدّسة في عددها الأوّل و الثاني من السنّة الثانية عام …
و في الختام: نشكر أصحاب السماحة الّذين بذلوا جهدهم اذ طالعوا المسودّات و أبدوا ملاحظات قيّمة، اخصّهم بالذّكر حجج الإسلام الشيخ غلامرضا كاردان، و سماحة السيّد الجلالي، و السيّد الخادمي و الشيخ اليوسفي الغروي، و الشيخ عبد الهادي النوري، و الشيخ محمد جعفر الطبسي و الاستاذ المحقّق علي الشاوي، و الاخ فارس حسون فلهم جزيل الشكر.
كما نلتمس الصفح ممّن وقف علي الهفوات في كتابنا هذا، فالعصمة لأهلها.
نسأل اللّه تعالي أن يوفقنا لخدمة الدين الحنيف و لمذهب أهل بيت النبي الكريم صلّي اللّه عليه و سلم إنّه سميع مجيب.
نجم الدين الطبسي
قم المقدّسة- الحوزة العلميّة
15/ ج 1/ 1419 ه ق
ص: 8
1- عاشوراء في اللغة
2- عاشوراء و جذورها الروائيّة
3- عاشوراء هل هو التاسع أم العاشر؟
4- حكم صوم عاشوراء قبل نزول صوم رمضان
ص: 9
5- هل كان النبيّ يحبّ موافقة اليهود؟
6- هل اليهود تصوم يوم عاشوراء؟
ص: 10
ص: 11
1- الخليل بن أحمد: «عاشوراء اليوم العاشر من المحرّم، و يقال: بل التاسع … ». (1)
2- الأزهري: «قال الليث: و يوم عاشوراء هو اليوم العاشر من المحرّم. قلت: و لم أسمع في امثلة الأسماء اسما علي فاعولا، إلّا أحرفا قليلة. قال ابن بزرج: الضاروراء:
الضرّاء، و الساروراء: السرّاء و الدالولاء: الدالّة … » (2).
3- ابن دريد: «عاشوراء يوم سمّي في الإسلام و لم يعرف في الجاهليّة، و ليس في كلامهم فاعولا ممدودا إلّا عاشوراء … » (3).
4- ابن منظور: «عاشوراء و عشوراء ممدودان: اليوم العاشر من المحرّم، و قيل:
ص: 12
التاسع … ». (1)
5- الفيروزآبادي: «العاشوراء و العشوراء و يقصران و العاشور: عاشر المحرّم أو تاسعه». (2)
6- الزبيدي: «العاشوراء قلت: المعروف تجرّده من ال: و العشوراء ممدودان و تقصران، و العاشور عاشر محرّم و قد الحق به تاسوعا … ». (3)
7- الهروي: «في حديث ابن عبّاس: لئن بقيت إلي قابل لأصومنّ التاسع، قال أبو منصور: يعني عاشوراء كأنّه تأوّل فيه عشر الورد، أنّها تسعة أيّام، و العرب تقول:
وردت الإبل عشرا إذا وردت يوم التاسع … ». (4)
8- الطريحي: «يوم عاشوراء- بالمدّ و القصر- و هو عاشر المحرّم، و هو اسم إسلامي و جاء عشوراء بالمدّ مع حذف الألف، الّتي بعد العين … ». (5)
9- العيني: «اشتقاقه من العشر الّذي هو اسم للعدد المعيّن، و قال القرطبي:
عاشوراء معدول عن عاشرة للمبالغة و التعظيم، و هو في الأصل صفة لليلة العاشر لأنّه مأخوذ من العشر الّذي هو اسم الفعل و اليوم مضاف إليها، فإذا قيل: يوم عاشوراء فكأنّه قيل: يوم الليلة العاشرة إلّا انّهم لمّا عدلوا به عن الصفة غلبت عليها الاسميّة فاستغنوا عن الموصوف فحذفوا الليلة، و قيل: مأخوذ من العشر بالكسر في أوراد الإبل، تقول العرب: وردت الإبل عشرا إذا وردت اليوم التاسع، و ذلك لأنّهم يحسبون في الظماء يوم الورود. فإذا قامت في الرعي يومين ثمّ وردت في الثالثة قالوا:
وردت ربعا، و إن رعت ثلاثا و في الرابع وردت خمسا … و علي هذا القول يكون التاسع عاشوراء … ». «(6)
ص: 13
ص: 14
يظهر من بعض النصوص أنّ هذا الاسم له جذور في الروايات، و أنّ هذه التسمية إمّا لأجل إكرام عشرة من الأنبياء بعشر
كرامات، علي ما في حاشية الجمل- دون أن يشير إلي مصدر له-، و إمّا لأجل تسمية اللّه عزّ و جلّ يوم استشهاد أبي عبد اللّه الحسين عليه السّلام بيوم عاشوراء- علي ما رواه الطريحي ضمن رواية تفضيل أمّة محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم علي سائر الامم بعشر:
«سمّي بذلك لأنّ عشرة من الأنبياء اكرموا فيه بعشر كرامات».
ثمّ إنّه استند إلي رواية مرسلة أخذها من بعض كتب الوعظ و لم يذكر اسمه. (1)
«و في حديث مناجاة موسي عليه السّلام و قد قال: يا ربّ لم فضّلت أمّة محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم علي سائر الامم؟ فقال اللّه تعالي: فضّلتهم لعشر خصال، قال موسي: و ما
ص: 15
تلك الخصال الّتي يعملونها حتي آمر بني إسرائيل يعملونها؟
قال اللّه تعالي: الصلاة و الزكاة و الصوم و الحجّ و الجهاد و الجمعة و الجماعة و القرآن و العلم و عاشوراء.
قال موسي: يا رب و ما عاشوراء؟ قال: البكاء و التباكي علي سبط محمّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، و المرثية و العزاء علي مصيبة ولد المصطفي، يا موسي ما من عبد من عبيدي في ذلك الزمان بكي أو تباكي و تعزّي علي ولد المصطفي الّا و كانت له الجنّة ثابتا فيها. و ما من عبد أنفق من ماله في محبّة ابن بنت نبيّه طعاما و غير ذلك، درهما أو دينارا إلّا و باركت له في دار الدنيا، الدرهم بسبعين و كان معافي في الجنّة، و غفرت له ذنوبه.
و عزّتي و جلالي ما من رجل أو امرأة، سال دمع عينيه في يوم عاشوراء و غيره قطرة واحدة إلّا و كتب له أجر مائة شهيد». (1)
أقول: مضمونها حقّ و عليها شواهد كثيرة من الروايات و النصوص، و لكن لم نعثر علي هذا النصّ بعينه في مصادر أخري، أضف إلي ذلك إرسالها، و لعلّها هي المرسلة الّتي أشار إليها في حاشية الجمل، من دون إيراد التفصيل.
ثمّ إنّها يفهم منها- بغضّ النظر عن السند- سبق هذه الكلمة علي مجي ء الإسلام و انّها كانت في الأمم السالفة و عرّفها اللّه عزّ و جلّ لأنبياء، فلا وجه لدعوي اللغويّين كابن دريد و ابن الأثير و الطريحي- من أنّها اسم إسلامي و لم تعرف قبل ذلك، فتأمّل، كيف! و قد ثبت صوم اليهود في هذا اليوم و التعظيم له- بل و النصاري كما يظهر من الرواية الّتي ينقلها أبو داود من أنّ النصاري كذلك كانت تعظّم هذا اليوم، و لكن رغم التتبّع لم نعثر و لا عرف للنصاري صوم و تعظيم لهذا اليوم.
و نص الروایة التی نقلها الفيومي: «انّ رسول اللّه صام عاشوراء، فقيل له: إنّ
اليهود و النصاري تعظّمه، فقال: إذا كان العام المقبل صمنا التاسع» (2).
ص: 16
إلّا أن يقال: إنّ تعظيمهم لهذا اليوم أو صومهم فيه، لا يلازم التسمية بعاشوراء- آنذاك- و معرفتهم له بهذا الاسم.
ص: 17
المشهور عندنا أنّ عاشوراء هو اليوم العاشر من المحرّم كما صرّح بذلك العلّامة الحلّي قدس سرّه في المنتهي و المحقّق القمّي قدس سرّه في الغنائم و العلّامة المجلسي قدس سرّه في المرآة.
و هو قول أكثر أهل السنّة، و جماهير السلف و الخلف منهم. كما أفاده العسقلاني في فتح الباري و الشوكاني عن النووي. و عن ابن عبّاس- في إحدي روايتيه- انّه هو العاشر من المحرّم علي ما نقله عبد الرّزاق في مصنّفه، عنه، و روي عنه أيضا انّه اليوم التاسع، و لا يهمّنا الخلاف بعد ما كان مشهورا عندنا و به روايات كثيرة و متّبعا عند جماهير العامّة.
1- العلّامة الحلي قدس سرّه: «يوم عاشوراء هو اليوم العاشر من المحرّم و به قال سعيد بن المسيّب و الحسن البصري. و روي عن ابن عبّاس أنّه قال: إنّه التاسع من المحرّم و
ص: 18
ليس بمعتمد، لما تقدّم في أحاديثنا أنّه يوم قتل الحسين عليه السّلام، و يوم قتل الحسين عليه السّلام هو العاشر بلا خلاف.
و روي الجمهور عن ابن عبّاس، قال أمر رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: بصوم يوم عاشوراء- العاشر من المحرّم-، و هذا ينافي ما روي عنه اولا». (1)
2- المحقّق القمّي قدس سرّه: «المعروف من المذهب أنّ عاشوراء هو يوم العاشر من المحرّم لأنّه يوم قتل الحسين، و لا خلاف انّه كان في عاشر محرّم … ». (2)
3- العلّامة المجلسي قدس سرّه: «قال بعد رواية زيد النرسي عن الصادق عليه السّلام: من صامه كان حظّه من صيام ذلك اليوم حظّ ابن مرجانة و آل زياد … » قال: … يدلّ علي ان عاشوراء هو العاشر كما هو المشهور … » (3)
1- البغوي: «اختلف العلماء في يوم عاشوراء؛ قال بعضهم: هو اليوم العاشر من المحرّم، و قال بعضهم: هو اليوم التاسع، و روي عن ابن عبّاس أنّه قال: صوموا التاسع و العاشر. و به قال الشافعي و أحمد و إسحاق». (4)
2- العسقلاني: «اختلف أهل الشرع في تعيينه، فقال الأكثر: هو اليوم العاشر». (5)
3- الشوكاني: «عن النووي: ذهب جماهير السلف و الخلف انّ عاشوراء هو اليوم العاشر من المحرّم … ». (6)
ص: 19
4- عبد الرّزاق: « … عن ابن عبّاس، قال: يوم عاشوراء العاشر». (1)
ص: 20
أقول: و ممّن يري انّه هو التاسع- من فقهاء العامّة- هو ابن حزم. (1)
ص: 21
اختلف فقهاؤنا في حكم صوم عاشوراء قبل نزول آية صوم رمضان، و هل انّه كان واجبا أم لا؟
فاختار الأوّل المحقّق النجفي في الجواهر، و المحقّق القمّي في الغنائم، و مال إليه السيّد الطباطبائي في المدارك.
و اكتفي المحقّق السبزواري في الذخيرة و العلّامة الحلّي في التذكرة و المنتهي بنقل الخلاف.
كما انّ مفاد بعض رواياتنا هو الأوّل (1) - أعني الوجوب-، و أمّا العامّة فعن أبي حنيفة أنّه كان واجبا، و ظاهر مذهب الشافعي، انّه لم يكن واجبا، و عليه أكثر العامّة كما عن النووي و للشافعي قولان، و لأحمد روايتان. و سنشير الي الروايات في
ص: 22
1- العلّامة الحلّي: «اختلف في صوم عاشوراء هل كان واجبا أم لا؟ فقال أبو حنيفة: إنّه كان واجبا، و قال آخرون: إنّه لم يكن واجبا، و للشافعي قولان، و عن أحمد روايتان.
احتجّ الموجبون بما روت عائشة: أنّ النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلم صامه و أمر بصيامه، فلمّا افترض رمضان كان هو فريضة و ترك عاشوراء فمن شاء تركه.
و أيضا فإنّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلم كتب إلي أهل العوالي (1) انّه من أكل منكم فليمسك بقيّة يومه، و من لم يأكل فليصم، و هذا يدلّ علي وجوبه، و احتجّ الآخرون بما رووه عن معاوية أنّه سمع يوم عاشوراء علي المنبر يقول: يا أهل المدينة أين علماءكم؟ و سمعت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلم يقول: هذا يوم عاشوراء لم يكتب اللّه عليكم صيامه … و قد ورد في أحاديثنا ما يدلّ عليهما … ». (2)
2- المحقّق النجفي: «و منه يعلم أنّ صومه كان واجبا … ». (3)
3- المحقّق القمّي: «انّ الظاهر من الأخبار أنّه كان واجبا قبل نزول شهر رمضان ثمّ ترك». (4)
4- السيّد العاملي: «اختلف في صوم عاشوراء هل كان واجبا أم لا؟ و المرويّ في أخبارنا أنّه كان واجبا قبل نزول صوم شهر رمضان، و ممّن روي ذلك زرارة و محمد بن مسلم.». (5)
ص: 23
5- السبزواري: «و اعلم أنّه اختلف في صوم عاشوراء هل كان واجبا أم لا؟ و في بعض أخبارنا انّه كان واجبا قبل نزول صوم شهر رمضان و صوم كلّ خميس و جمعة … ». (1)
6- المجلسي: «عن المنتقي: و في هذه السنّة- الاولي للهجرة- صام- أي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلم- عاشوراء و أمر بصيامه». (2)
أقول: لم يتبنّ الفقهاء في أقوالهم رأيا معيّنا- علي ما نعلم- و إنّما اكتفوا بنقل الخلاف و مفاد الروايات، إلّا المحقّق القمّي حيث استند إلي ظاهر الروايات الّذي يعلم منه الوجوب.
ثمّ إنّ العلّامة المجلسي اكتفي بنقل كلام المنتقي من دون أيّ تعليق.
1- العيني: «اختلفوا في حكمه أوّل الإسلام، فقال أبو حنيفة: كان واجبا، و اختلف أصحاب الشافعي علي وجهين: أشهر هما انّه لم يزل سنّة من حين الشرع و لم يك واجبا قطّ في هذه الامّة، و لكنّه كان يتأكّد الاستحباب، فلمّا نزل صوم رمضان صار مستحبّا دون ذلك الاستحباب.
الثاني: كان واجبا كقول أبي حنيفة، و قال عياض: كان بعض السلف يقول: كان فرضا و هو باق علي فرضيته لم ينسخ. و انقرض القائلون بهذا، و حصل الاجماع علي انّه ليس بفرض أنّما هو مستحبّ». (3)
2- ابن قدامة: «اختلف في صوم عاشوراء هل كان واجبا؟ فذهب القاضي إلي انّه لم يكن واجبا، و قال: هذا قياس المذهب، و استدلّ بشيئين. و روي عن أحمد أنّه
ص: 24
كان مفروضا.». (1)
3- الكاساني: «و صوم عاشوراء كان فرضا يومئذ … ». (2)
4- القسطلاني: «ذيل حديث «أنا أحقّ بموسي منكم» فصامه و أمر بصيامه، قال: فيه دليل لمن قال: كان قبل النسخ واجبا، لكن أجاب أصحابنا بحمل الأمر هنا علي تأكّد الاستحباب … ». (3)
5- العسقلاني: «و يؤخذ من مجموع الأحاديث انّه كان واجبا ثمّ يأتي بأدلّة ستّة لإثبات دعواه». (4)
6- الزرقاني في شرح قوله: «فمن شاء صامه». قال: لأنّه ليس متحتّما فعلي هذا لم يقع الأمر بصومه إلّا في سنة واحدة و علي القول بفرضيته فقد نسخ، و لم يرد انّه جدّد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم للناس أمرا بصيامه بعد فرض رمضان، بل تركهم علي ما كانوا عليه من غير نهي عن صيامه، فان كان أمره بصيامه قبل فرض رمضان للوجوب ففي نسخ الاستحباب إذا نسخ الوجوب خلاف مشهور، و إن كان للاستحباب كان باقيا علي استحبابه.
و في الاكمال: قيل: كان صومه في صدر الإسلام قبل رمضان واجبا ثمّ نسخ علي ظاهر هذا الحديث.
و قيل: كان سنة مرغّبا فيه ثمّ خفّف فصار مخيّرا فيه، و قال بعض السلف: لم يزل فرضه باقيا لم ينسخ، و انقرض القائلون بهذا، و حصل الاجماع اليوم علي خلافه، و كره ابن عمر قصد صيامه … (5)
ص: 25
ص: 26
يري زين الدين الحنفي و هكذا العسقلاني- من علماء السنّة- انّ النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم كان يحبّ موافقة أهل الكتاب في صيامهم، حيث انّ هذا المؤلّف بعد أن قسّم صيام النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم علي أربع حالات، قال: الحالة الثانية انّ النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لمّا قدم المدينة و رأي صيام أهل الكتاب له و تعظيمهم له و كان يحبّ موافقتهم! فيما لم يؤمر به صامه، و أمر النّاس بصيامه، و أكّد الأمر بصيامه و الحثّ عليه حتي كانوا يصوّمونه أطفالهم». (1)
و قال العسقلاني: «و قد كان صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يحبّ موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشي ء و لا سيّما إذا كان فيما يخالف فيه أهل الأوثان». (2)
و الملاحظ هو انّ زين الدين الحنفي يؤكّد علي أنّ النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم كان يحبّ موافقتهم و بالتالي وافقهم و حثّ الناس علي ذلك!!!
ص: 27
و هذا يناقض ما رواه هو و غيره عن ابن عبّاس، عن النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم من أنّ صيام عاشوراء كان لمخالفة اليهود:
«صوموا عاشوراء و خالفوا فيه اليهود … ». (1)
كان يحب موافقة اليهود!!؟
كما انّه يناقض أيضا ما ورد عن يعلي بن شدّاد، عن أبيه قال: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم «صلّوا في نعالكم و خالفوا اليهود». (2)
و في رواية اخري: «لا تشبّهوا باليهود». «(3)
و هل هذا الصوم المدّعي إلّا تشبّه بهم و قد نهينا عن التشبّه بهم، بل صرّح القاضي في شرح قوله: «لأصومنّ التاسع» بأنّ ذلك لعلّه علي طريق الجمع مع العاشر لئلّا يتشبّه باليهود». (4)
و هكذا في المحيط: «كره إفراد يوم عاشوراء بالصوم لأجل التشبّه باليهود». (5)
ثمّ هل يجوز لنا أن نشارك اليهود أو النصاري ببعض أعيادهم و صيامهم بحجّة انّنا أحقّ بموسي أو بعيسي منهم!؟ ثمّ لا ندري ما هذه المحاولة من البعض في ربط المفاهيم الاسلاميّة و أحكامها و سننها و آدابها و عقائدها، بسنن أهل الكتاب و أحكامهم و عاداتهم؟ و لما ذا و ما هو السرّ- في الدعوي، بل في التظاهر بالتنسيق بين الرسول الأعظم صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و أهل الكتاب خاصّة اليهود؟! و للأسف نري أحاديث منسوبة إلي النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في الصحاح و مضمونها انّ النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يصدّق و يتعجّب (6) من
ص: 28
قول حبر من اليهود، و انّ اليهوديّ حينما يمرّ بالنبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يطلب النبي (1) منه أن يحدّثه!!
و انّ امرأة يهوديّة تعلّم النبي (2) قضايا فتنة القبر!! و «انّ تميم الداري النصراني يصدّقه النبي و يروي عنه حدّثني حديثا وافق الّذي كنت احدّثكم عن المسيح الدّجال … فإنّه أعجبني حديث تميم انّه وافق الّذي كنت احدّثكم عنه و عن المدينة … ». (3)
ص: 29
إنّ المستفاد من مراجعة التاريخ و كلمات اللغويّين و الفقهاء و المحقّقين و غيرهم انّ مدار السنة عند اليهود ليست قمريّة، بل شمسيّة، و لم يكن صومهم في عاشوراء و لا في محرّم، كما انّ اليوم الّذي غرق فيه فرعون لم يتقيّد بكونه دائما هو عاشوراء المحرّم، و إنّما هو في اليوم العاشر من شهرهم الأوّل: تشري، و يسمّونه يوم كيپور - أي الكافرة- و هو اليوم الّذي تلقّي فيه الإسرائيليّون اللوح الثاني من الشريعة.
ثمّ علي الفرض- البعيد- انّه اتّفق ذلك اليوم مع قدوم النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم الكريم المدينة و عاشوراء المحرّم فهو محض اتّفاق.
أضف إلي ذلك انّ كيفيّة الصوم عندهم أيضا تختلف عن الصوم عندنا، فإنّهم يصومون من غروب الشمس إلي غروبها في اليوم التالي.
و عليه فلا وجه و لا أساس لما نسب في المرويّات إلي النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم من انّ صوم عاشوراء كان ذا أصل يهودي و انّهم كانوا يصومونه في هذا اليوم.
ص: 30
«و يقصدون بصوم اليهود يوم عاشوراء ما يقال له:
«يوم الكفّارة» و هو يوم صوم و انقطاع و يقع قبل عيد المظال بخمسة أيّام أي في يوم عشرة تشري و هو يوم الكيپور kipur، و يكون الصوم فيه من غروب الشمس إلي غروبها في اليوم التالي، و له حرمة كحرمة السبت، و فيه يدخل الكاهن الأعظم قدس الأقداس لأداء الفروض الدينيّة المفروضة في ذلك اليوم». (1)
«في واقعنا الحاضر لا نجد أيّ يهوديّ يصوم في العاشر من محرّم أو يعدّه عيدا، و لم يوجد في السجلّات التاريخيّة ما يشير إلي انّهم صاموا في العاشر من محرّم أو عدوّه عيدا، بل اليهود يصومون يوم العاشر من شهر تشرين و هو الشهر الأوّل من سنتهم في تقويمهم و تاريخهم إلّا انّهم لا يسمّونه يوم عاشوراء، بل يوم أو عيد كيپور». (2)
«إنّ لليهود تقويما خاصّا بهم يختلف عن تقويمنا العربي الاسلامي اختلافا بيّنا و يبتدئ بشهر (تشري) ثمّ (حشران) و ينتهي بشهر (أيلول) و هو الشهر الثاني عشر، و في كلّ سنة كبيسة يضاف إليها شهر واحد حتي يكون للسنة الكبيسة ثلاثة عشر شهرا و هو شهر (آذار
ص: 31
4- و قال محمود باشا الفلكي في تقويم العرب قبل الإسلام:«يظهر أنّ اليهود من العرب كانوا يسمّون أيضا عاشوراء و عاشور اليوم العاشر من شهر تشري الّذي هو أوّل شهور سنتهم المدنيّة و سابع شهور السنة الدينيّة عندهم.
و السنة عند اليهود شمسيّة لا قمريّة، فيوم عاشوراء الّذي كان فيه غرق فرعون
لا يتقيّد بكونه عاشر المحرّم، بل اتّفق وقوعه يوم قدوم النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم». (1)
5- و قال أبو ريحان: «(2)
«تشرين و هو ثلاثون يوما … و في اليوم العاشر منه صوم الكبور و يدعي العاشوراء و هو الصوم المفروض من بين سائر الصيام فإنّها نوافل، و يصام هذا الكبور من قبل غروب الشمس من اليوم التاسع بنصف ساعة إلي ما بعد غروبها في اليوم العاشر بنصف ساعة تمام خمس و عشرين ساعة … و صومه كفّارة لكلّ ذنب علي وجه الغلط، و يجب علي من لم يصمه من اليهود القتل عندهم، و فيه يصلّي خمس صلوات و يسجد فيها». (3)
«اعلم أنّ يوم عاشوراء كان يوم صوم اليهود و لا يزالون يصومون إلي الآن، و هو الصوم الكبير، (4) و وقته اليوم العاشر من الشهر الأوّل من السنة، و لمّا قدم رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم المدينة كان أوّل اليهود مطابقا لأوّل المحرّم و كذلك بعده إلي أن حرم النسي ء و ترك في الإسلام و بقي عليه اليهود إلي زماننا هذا
ص: 32
فتخلّف أوّل سنة المسلمين عن أوّل سنتهم، و افترق يوم عاشوراء عن يوم صومهم، و ذلك لأنّهم ينسئون إلي زماننا فيجعلون في كلّ ثلاث سنين سنة واحدة ثلاثة عشر اشهرا، كما كان يفعله العرب في الجاهليّة، فصام رسول اللّه و المسلمين يوم عاشوراء كما كانوا يصومون و قال: نحن أولي بموسي … إلي أن نسخ وجوب صومه بصوم رمضان و بقي الجواز … » (1)
أقول: أوّلا إنّ قدوم النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و هجرته إلي المدينة المنوّرة كان في ربيع الأوّل (2) لا في محرّم، و معه كيف يطابق سنة اليهود لقدوم النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و لمحرّم؟؟
ثانيا: المعروف أنّ النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لم يصم عاشوراء إلّا سنة واحدة كما ستأتي الاشارة إلي ذلك و معه كيف يقول السيّد الشعراني: «و كذلك بعده إلي أن حرم النسي ء … ».
ثالثا: يبدو من كلامه انّ صومه كان واجبا إلي أن نسخ بصوم رمضان، مع ان الأمر مختلف فيه عندنا و عند العامّة أيضا- كما مرّ فالظاهر أنّ العلّامة الشعراني تبنّي أمرا من دون إراءة أيّ مستند و دليل.
أقول: سوف يتّضح انّه تخطيط أمويّ للتغطية علي قضيّة كربلاء، و ما صدر من الجرائم اللاإنسانيّة بحقّ أهل بيت الرسول صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.
ص: 33
ص: 34
أ- الروايات المانعة
ب- الروايات الدالّة علي الجواز
ج- الروايات من طرق السنّة
ص: 35
ص: 36
وردت روايات متعارضة بشأن هذا الصوم، ففي بعضها أنّه كفّارة سنة، و انّ يوم عاشوراء يوم البركة و النجاة، و انّ النبي صلّي اللّه عليه و سلم كان يأمر حتي الصبيان بالامساك و الصيام، كما في التهذيب و الكافي و الجعفريّات.
و في بعضها الآخر: ما ينافي هذا، إذ مفادها: انّه صوم متروك، و في بعض آخر:
انّه منهيّ عنه، و في بعض آخر: انّه بدعة و ما هو يوم صوم، و في بعض آخر: انّه صوم الأدعياء، أو انّ حظّ الصائم فيه هو النار، و في بعض آخر: انّ النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ما كان يصومه. هذا ما في كتبنا الروائيّة.
و أمّا السيرة العمليّة للأئمّة الطاهرين فالجدير بالذكر هو انّه لم يعهد منهم و لا من أصحابهم الصوم في هذا اليوم، كما صرّح به السيّد الخوئي في تقرير بحث أستاذه، فلو كان مستحبّا لما استمرّ المعصوم علي ترك هذا المستحبّ.
و أمّا في كتب السنّة: فالروايات عندهم مختلفة، إذ مفاد كثير منها الاستحباب و
ص: 37
التأكيد علي الصوم، و أخري: تغايرها، إذ فيها انّ النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ما كان يصوم يوم عاشوراء، أو انّه لم يأمر به بعد نزول صوم شهر رمضان، كما في البخاري و مسلم و سائر كتب السنن، و قد جمعها الهيثمي في زوائده و ضعّف أسانيد أكثرها.
و فيما يلي عرض الروايات:
1- الفقيه: «سأل محمد بن مسلم و زرارة بن أعين أبا جعفر الباقر عليه السّلام عن صوم يوم عاشوراء، فقال: كان صومه قبل شهر رمضان، فلمّا نزل شهر رمضان ترك». (1)
عبّر عنه المجلسي الأوّل بالصحيح، و قال: قوله: «كان صومه»: أي وجوبه أو استحبابه، و قوله: «ترك» أي نسخ». (2)
أقول: علي القول بأنّ الصوم كان واجبا ثمّ عرض النسخ يرد البحث الاصولي: و هو إذا نسخ الوجوب هل يبقي معه الجواز أم لا؟
و المراد بالجواز إمّا بالمعني الأعمّ و هو غير التحريم، و إمّا بالمعني الأخصّ و هو الإباحة. فالمعروف هو عدم دلالة دليل الناسخ و لا دليل المنسوخ علي بقاء الجواز، فتعيين أحد الأحكام الأربعة بعد نسخ الوجوب يحتاج إلي دليل.
كما لا مجال لإثبات الجواز من خلال استصحاب الجواز الّذي كان ضمن الوجوب و كان بمنزلة الجنس له فيما لم نقل باستصحاب الكلّي القسم الثالث. و يطلب التفصيل من مظانّه. (3)
2- الكافي: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن نوح، عن شعيب النيسابوري، عن ياسين الضرير، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السّلام قالا:
ص: 38
لا تصم «(1) في يوم عاشوراء و لا عرفة بمكّة و لا في المدينة و لا في وطنك و لا في مصر من الأمصار». (2)
قال المجلسي: الحديث مجهول، و حمل علي ما إذا اشتبه الهلال، أو ضعف عن الدعاء، و النهي علي الكراهة». (3)
أقول: و إن كان هذا الحمل خلاف الظاهر و لكن يصار إليه بقرينة النهي عن صيام عرفة الّذي لا شكّ في عدم حرمته.
3- و فيه: الحسن بن علي الهاشمي، عن محمد بن موسي، عن يعقوب بن يزيد، عن الحسن بن علي الوشّاء، قال: حدّثني نجبة بن الحارث العطّار، قال: سألت: أبا جعفر عليه السّلام عن صوم يوم عاشوراء، فقال: صوم متروك بنزول شهر رمضان، و المتروك بدعة.
قال نجبة: فسألت أبا عبد اللّه من بعد أبيه عليهما السّلام عن ذلك فأجابني بمثل جواب أبيه ثمّ، قال: أما إنّه صوم يوم ما نزل به كتاب، و لا جرت به سنّة إلّا سنّة آل زياد بقتل الحسين بن علي صلوات اللّه عليهما» (4).
عبّر عنه المجلسي
الأوّل: بالقويّ، فقال: و يؤيّده ما رواه الكليني في القوي (5) و عبّر عنه المجلسي الثاني: بأنّه مجهول.
و قال: قوله: «صوم متروك» يدلّ علي أنّه كان واجبا قبل نزول صوم شهر رمضان. و قال بعض الأصحاب: لم يكن واجبا قطّ.
قوله: «و المتروك بدعة»: يدلّ علي أنّه نسخ وجوبه و رجحانه مطلقا إلّا أن
ص: 39
يقال: غرضه انّه نسخ وجوبه، و ما نسخ وجوبه لا يبقي رجحان إلّا بدليل آخر كما هو المذهب المنصور، و لم يردّ ما يدلّ علي رجحانه إلّا العمومات الشاملة له و لغيره، فإذا صام الانسان بقصد انّه من السنن أو مندوب إليه علي الخصوص كان مبتدعا، لكنّ الظاهر من الخبر عدم رجحان لا خصوصا و لا عموما». «(1)
و رماه في الملاذ بالمجهوليّة، فقال: مجهول». «(2)
4- و فيه: عن الحسن بن علي الهاشمي، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن ابان، (3) عن عبد الملك، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن صوم تاسوعاء و عاشوراء من شهر المحرّم، فقال: تاسوعاء يوم حوصر فيه الحسين و أصحابه رضي اللّه عنهم بكربلاء، و اجتمع عليه خيل أهل الشام و أناخوا عليه، (4) و فرح ابن مرجانة و عمر بن سعد بتوافر (5) الخيل و كثرتها، و استضعفوا فيه الحسين و أصحابه، و أيقنوا أن لا يأتي الحسين ناصر، و لا يمدّه أهل العراق بأبي المستضعف الغريب، ثمّ قال: و أمّا يوم عاشوراء فيوم أصيب فيه الحسين صريعا بين أصحابه و أصحابه صرعي حوله (عراة) أ فصوم يكون في ذلك اليوم؟ كلّا و ربّ البيت الحرام و ما هو يوم صوم و ما هو إلّا يوم حزن و مصيبة دخلت علي أهل السماء و أهل الأرض و جميع المؤمنين، و يوم فرح و سرور لابن مرجانة و آل زياد و أهل الشام غضب اللّه عليهم و علي ذرّيّاتهم، و ذلك يوم بكت عليه جميع بقاع الأرض خلا بقعة الشام، فمن صامه أو تبرّك به حشره اللّه مع آل زياد ممسوخ القلب مسخوط عليه، و من ادّخر إلي منزله ذخيرة أعقبه اللّه تعالي نفاقا في قلبه إلي يوم يلقاه، و انتزع البركة عنه و عن أهل بيته و ولده، و شاركه الشيطان في جميع ذلك. (6)
ص: 40
قال الفيض: «بأبي المستضعف الغريب»: أي فديت بأبي الحسين إذ كان مستضعفا غريبا. «من ادّخر إلي منزله ذخيرة». أشار به إلي ما كان المتبرّكون بهذا اليوم يفعلونه فانّهم كانوا يدّخرون قوت سنتهم في هذا اليوم تبرّكا به و تيمّنا و يجعلونه أعظم أعيادهم لعنهم اللّه». (1)
قال المجلسي: «ضعيف علي المشهور، و يدلّ علي أنّ عاشوراء هو العاشر كما هو المشهور، و يدلّ علي كراهة صوم يوم تاسوعاء أيضا». (2)
لعلّ ضعف الرواية لأجل محمد بن سنان فإنّه ضعيف غال، يضع الحديث، لا يلتفت إليه، كما عن ابن الغضائري و انّه مطعون فيه لا تختلف العصابة في تهمته و ضعفه، و من كان هذا سبيله لا يعتمد عليه في الدين، كما عن الشيخ المفيد. (3)
و انّ ما يختصّ بروايته و لا يشركه فيه غيره لا يعمل عليه، كما عن الشيخ الطوسي. (4)
و انّه لا يستحلّ أيّوب بن نوح الرواية عنه. (5)
لكن نقول: إنّ الفضل روي عنه و أجاز لآخرين رواية أحاديثه بعده، و انّ الكشّي في عنوانه الثاني و الرابع اقتصر علي أخبار مدحه، و انّ النجاشي قال في آخر كلامه: يدلّ خبر صفوان علي زوال اضطرابه، و انّ المفيد قد وثّقه في الارشاد، و انّ الشيخ الطوسي و انّ ضعّفه في التهذيبين و الفهرست و رجاله لكنّه جعله في كتاب
ص: 41
الغيبة من ممدوحي أصحاب الائمّة و روي أخبار مدحه.
كما انّ جمعا من العدول و الثقات رووا عنه كيونس بن عبد الرحمن و الحسين بن سعيد الأهوازي و أخيه و الفضل بن شاذان و أبيه و أيّوب بن نوح و محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب و غيرهم. و هذا يدلّ علي اعتبار أخباره إن لم يدلّ علي حسنه في نفسه، فأخباره معتبرة إلّا ما كان فيها غلوّا أو تخليطا، و هذه الرواية لم يظهر عليها آثار الغلوّ و التخليط، بل مؤيّدة بروايات اخري فلا نري مانعا من الأخذ بهذه الرواية و العمل بها.
أمّا لو كان الضعف لأجل أبان فالظاهر هو ابن تغلب، أو ابن عثمان، أو ابن عبد الملك، «(1) فعلي الأوّل فلا كلام في جلالته، و علي الثاني: فقد عدّه الكشّي من الستّة الّذين اجتمعت العصابة علي تصحيح ما يصحّ عنهم، (2) و علي الثّالث: فهو حسن الحال كما قاله المامقاني (3). فلم يبق إيراد في السند، فتأمّل.
5- و فيه: الحسن بن علي الهاشمي. و عن محمد بن عيسي بن عبيد قال: حدّثني جعفر بن عيسي أخوه، قال: سألت الرضا عليه السّلام عن صوم عاشوراء و ما يقول الناس فيه، فقال: عن صوم ابن مرجانة تسألني؟ ذلك يوم صامه الأدعياء من آل زياد لقتل الحسين و هو يوم يتشاءم به آل محمد و يتشاءم به أهل الإسلام، و اليوم الّذي يتشاءم به أهل الإسلام لا يصام و لا يتبرّك به، و يوم الاثنين يوم نحس قبض اللّه عزّ و جلّ فيه نبيّه، و ما اصيب آل محمد إلّا في يوم الاثنين (4) فتشأّمنا به و تبرّك به ابن مرجانة و يتشاءم به آل محمد، فمن صامها أو تبرّك بها لقي اللّه تبارك و تعالي ممسوخ القلب و كان حشره مع الّذين سنّوا صومها و التبرّك بها. (5)
ص: 42
ص: 43
1- لقد تأمّل العلّامة الحلّي في صحّة سند هذه الرواية حيث قال: فإن صحّ السند كان صوم الاثنين مكروها و إلّا فلا». (1)
2- و قد عبّر المجلسي الأوّل عن هذا الحديث بالقوي». (2)
3- كما رماه المجلسي الثاني بالمجهوليّة فقال: الحديث مجهول. «(3)
أقول: لعلّ منشأ التأمّل في السند هو الحسن أو الحسين بن علي الهاشمي إذ لم يرد له ذكر في الكتب الرجاليّة.
و قد أورده السيّد الخوئي في معجمه ساكتا عن أيّ رأي فيه، (4) كما أورده النمازي في مستدركه معبّرا عنه بقوله: إنّه من مشايخ الكليني. (5) فإن كان المبني وثاقة أو حسن مشايخ الثقات كما تبنّاه المامقاني (6) فلا غبار علي السند و ترتفع الجهالة فيه، و إلّا يكفي في المقام: الوثوق الخبري.
قوله: «الأدعياء»: أي أولاد الزنا. قال في القاموس: «(7) الدعيّ كغنيّ المتّهم في نسبه.
قوله: «فمن صامها» يدلّ ظاهرا علي حرمة صوم يوم الإثنين و يوم عاشوراء، فأمّا الأوّل: فالمشهور عدم كراهته أيضا و قال ابن الجنيد: صومه منسوخ، و يمكن
ص: 44
حمله علي ما إذا صام متبرّكا للعلّة المذكورة في الخبر أو لقصد رجحانه علي الخصوص فإنّه يكون بدعة حينئذ.
و أمّا صوم يوم عاشوراء: فقد اختلفت الروايات فيه، و الأظهر عندي: انّ الأخبار الواردة بفضل صومه محمولة علي التقيّة، و إنّما المستحبّ الامساك علي وجه الحزن إلي العصر لا الصوم، كما رواه الشيخ في المصباح … صمه من غير تبييت، و افطره من غير تشميت … و بالجملة: الأحوط ترك صيامه مطلقا. (1)
«مسخ القلب عبارة عن تغيّر صورته في الباطن إلي صورة بعض الحيوانات، كما اشير إليه بقوله عزّ و جلّ وَ نَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيٰامَةِ عَلی وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَ بُكْماً وَ صُمًّا «(2). (3)
لقد استظهر الطعان من عبارة «فمن صام أو تبرّك» انّ ماهيّة الصوم و نفس الامساك إلي الغروب بنيّة الصوم مورد للكراهة عند أئمّة أهل البيت عليهم السّلام، فلا معني لحمل الأخبار المانعة عن الصيام علي الصوم لغير الحزن، و حمل الأخبار المجوّزة للصيام علي الصوم علي وجه الحزن، فإنّ هذا الجمع مردود قال: « … تصريح الأئمّة بعدم قبول ذلك اليوم لماهيّة الصيام و يكون نفس الصوم موجبا للحشر مع آل زياد و سائر ما هو مذكور من المهالك، كما انّ التبرّك أيضا موجب لذلك، و بأنّ الصوم أيضا لا يكون للحزن و المصيبة و إنّما يكون شكرا للسلامة … ففي خبر عبد الملك: أ فصوم يكون في ذلك اليوم؟ كلّا و ربّ البيت الحرام ما هو يوم صوم و ما هو إلّا يوم حزن و مصيبة … فمن صام أو تبرّك به حشره اللّه مع آل زياد.
ص: 45
قال: ألا تري كيف جعل الصيام مسبّبا لتلك الأمور العظام و رتّب عليه الوعيد كما رتّبه علي التبرّك بذلك اليوم النكيد.
و في خبر أبي غندر: انّ الصوم لا يكون للمصيبة و لا يكون إلّا شكرا للسلامة.
فإنّ ظاهر هذه … أنّ الحزن لم يكن سببا لاستحباب الصيام في شي ء من الأيّام، و انّ الصوم إنّما يستحبّ في الأيّام الّتي يتجدّد فيها الفرح و السرور دون الأيّام الّتي يحدث فيها الترح- الهمّ- و الشرور». (1)
6- و فيه: الحسن بن علي الهاشمي، عن محمد بن عيسي، قال: حدّثنا محمد بن أبي عمير، عن زيد النرسي، قال: سمعت عبيد بن زرارة يسأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن صوم عاشوراء، فقال: من صامه كان حظّه من صيام ذلك اليوم حظّ ابن مرجانه و آل زياد.
قال: قلت: و ما كان حظّهم من ذلك اليوم؟
قال: النار أعاذنا اللّه من النار، و من عمل يقرّب من النار». (2)
أقول: و في التهذيب زيادة: قال: سمعت زرارة بعد قوله: عن عبيد بن زرارة، و لعلّه من زيادات النسّاخ.
و قد رماه المجلسي الثاني بالمجهوليّة، فقال: مجهول، (3) و لكن عبّر المجلسي الأوّل عن الحديث بالحسن كالصحيح، فقال: «و في الحسن كالصحيح عن محمد بن أبي عمير، عن زيد النرسي». (4)
أقول: إن كان وجه التأمّل في السند هو الحسن بن علي الهاشمي فقد تقدّم الكلام فيه.
ص: 46
7- أمالي الطوسي: «محمد بن الحسن في المجالس و الأخبار، عن الحسين بن إبراهيم القزويني، عن محمد بن وهبان، عن علي بن حبشي، عن العبّاس بن محمد بن الحسين، عن أبيه، عن صفوان بن يحيي، عن الحسين بن أبي غندر، عن أبيه، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن صوم يوم عرفة، فقال: عيد من أعياد المسلمين، و يوم دعاء و مسألة.
قلت: فصوم عاشوراء؟ قال: ذاك يوم قتل فيه الحسين عليه السّلام، فإن كنت شامتا فصم، ثمّ قال: إنّ آل اميّة عليهم لعنة اللّه و من أعانهم علي قتل الحسين عليه السّلام من أهل الشام، نذروا نذرا إن قتل الحسين عليه السّلام و آله و سلّم من خرج إلي الحسين عليه السّلام و صارت الخلافة في آل أبي سفيان أن يتّخذوا ذلك اليوم عيدا لهم يصوموا فيه شكرا، و يفرّحون أولادهم فصارت في آل أبي سفيان سنّة إلي اليوم في الناس، و اقتدي بهم الناس جميعا، فلذلك يصومونه و يدخلون علي عيالاتهم و أهاليهم الفرح ذلك اليوم، ثمّ قال:
إنّ الصوم لا يكون للمصيبة و لا يكون إلّا شكرا للسلامة، و إنّ الحسين عليه السّلام أصيب يوم عاشوراء فإن كنت فيمن أصيب به فلا تصم، و إن كنت شامتا ممّن سرّك سلامة بني أميّة فصم شكرا للّه». «(1)
8- المصباح: عن عبد اللّه بن سنان، قال: دخلت علي أبي عبد اللّه عليه السّلام يوم عاشوراء فألقيته كاسفا (2) و دموعه تنحدر علي عينيه كاللؤلؤ المتساقط، فقلت: ممّ بكاؤك؟
فقال: أ في غفلة أنت؟ أما علمت أنّ الحسين أصيب في مثل هذا اليوم؟
فقلت: ما قولك في صومه؟ فقال لي: صمه من غير تبييت، و افطره من غير تشميت، و لا تجعله يوم صوم كملا، و ليكن إفطارك بعد صلاة العصر بساعة علي شربة من ماء فإنّه في مثل هذا الوقت من ذلك اليوم تجلّت الهيجاء علي آل
ص: 47
رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم». (1)
«أقول: و رأيت من طريقهم في المجلّد الثالث من تاريخ النيسابوري للحاكم في ترجمة: نصر بن عبد اللّه النيسابوري بإسناده إلي سعيد بن المسيّب، عن سعد أنّ النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لم يصم عاشوراء». (2)
أقول: لعلّه أشار بذلك إلي ما رواه الهيثمي، عن أبي سعيد الخدري أنّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم أمر بصوم عاشوراء و كان لا يصومه. «3» و فيه إشكال بيّن: إذ كيف يأمر بمعروف و لا يأتي هو به؟!
و قال ابن طاوس في أوّل الفصل: «اعلم أنّ الروايات وردت متظافرات في تحريم صوم يوم عاشوراء علي وجه الشماتات، و ذلك معلوم من أهل الديانات، فإنّ الشماتة يكسر حرمة اللّه جلّ جلاله و ردّ مراسمه، و هتك حرمة رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و هدم معالمه، و عكس أحكام الإسلام و إبطال مواسمه، ما يشمت بها و يفرح لها، إلّا من يكون عقله و قلبه و نفسه و دينه قد ماتت بالعمي و الضلالة، و شهدت عليه بالكفر و الجهالة … ». (3)
بما انّ كثيرا من هذه الروايات عرضة لمناقشة أسانيدها- كما سيأتي تفصيله عن السيّد الخوئي فلذا تصدّي الفقهاء للدفاع عن هذه الروايات و ترميم ضعفها بما يلي:
1- وجودها في الكتب المعتبرة، كما عن النراقي حيث قال: «لا يضرّ ضعف
ص: 48
إسناد بعض تلك الأخبار بعد وجودها في الكتب المعتبرة، مع أنّ فيها الصحيحة». (1)
2- كون هذه الروايات مستفيضة، بل قريبة من التواتر، كما عن الطباطبائي حيث قال: «النصوص المرغّبة و هي مع قصور أسانيدها و عدم ظهور عامل بإطلاقها بالكلّية معارضة بأكثر منها كثرة زائدة تكاد تقرب التواتر، و لأجلها لا يمكن العمل بتلك و لو من باب المسامحة، إذ هي حيث لم تحتمل منعا و لو كراهة و هي محتملة من جهة الأخبار المانعة». (2)
3- أنّها معتبرة سندا: و ذلك لأنّ جمع الشيخ بين الطائفتين و جعل التعارض بينهما يدلّ علي تسليمه للأخبار، و ذلك لأنّ التعارض فرع اعتبار السند و حجّيّته كما عن الشيخ الاستاذ الوحيد الخراساني.
4- وثاقة الحسين بن علي الهاشمي، و ذلك لأنّه من مشايخ الكليني، و علي مبني اعتبار مشايخ الثقات يخرج الهاشمي عن الاهمال و الجهالة إلي رتبة الاعتبار.
إلّا ان يناقش في هذا المبني و يقال: إنّ نقل الثقة عن شخص لا يدلّ علي كون المرويّ عنه ثقة لشيوع نقل الثقات من غيرهم.
نعم، لقد تبنّي هذا الرأي جمع؛ منهم المامقاني في التنقيح، و النوري في المستدرك، و جعل نقل الثقة أية كون الشخص المرويّ عنه ثقة. (3)
أقول: إنّ المبني المقبول عند البعض هو كثرة نقل الثقة عن شخص يدلّ علي اعتباره و حسن وثاقته.
5- اعتبار هذه الروايات لأجل موافقتها لسيرة المتشرّعة، و لأصحاب الأئمّة عليهم السّلام، كما عن الشيخ الاستاذ حيث قال في درسه في نقاشه كلام السيّد الخوئي:
«إنّ إسقاط هذه الروايات لمجرّد ضعف سندها مع انّ المسلّم موافقتها لسيرة المتشرّعة
ص: 49
القطعيّة و لأصحاب الأئمّة الّذين كانوا ملتزمين بترك الصوم في يوم عاشوراء غير مقبول، بل مخدوش، و لسنا نحن مع السيّد الخوئي في طريقته هذه في الفقه فلا بدّ:
أوّلا: ملاحظة عدد هذه الروايات.
ثانيا: كيفيّة تلقّي السلف لهذه الروايات
ثالثا: ملاحظة انّ السيرة القطعيّة هل هي موافقة لهذه الروايات أم لا؟
و قد جمع الشيخ الطوسي بين الروايات المانعة و الروايات الدالّة علي المطلوبيّة فهل تري انّه جمع بين الروايات الضعيفة و القويّة؟
إذن طريقة السيّد الخوئي محلّا للمناقشة و الاشكال، أضف إلي ذلك انّا لا نقول بأنّ مستند الحكم هو الرواية الضعيفة، بل نقول إنّ الروايات إذا كانت متعدّدة و كانت موردا لتسالم الأصحاب و قبولهم و كانت السيرة مطابقة لهذه الروايات فتكون الروايات الّتي تحمل هذه المواصفات مستندا للحكم لا الرواية الضعيفة، و ما نحن فيه من هذا القبيل». «(1)
أقول: يرد علي السيّد الخوئي: إنّ تصريحه في أجود التقريرات بمداومة الأئمّة عليهم السّلام علي الترك و أمرهم أصحابهم به ينافي ما يتبنّاه من القول بالاستحباب. (2)
كما يرد علي الشيخ الاستاذ: انّ موافقة الروايات للسيرة لا توجب قوّة الضعيف.
فلا بدّ و أن ينظر إلي هذه السيرة و لم يحرز أنّها لأجل استنكار صوم يوم عاشوراء، بل لعلّه لأجل الحفاظ علي إقامة مراسم عزاء أبي عبد اللّه عليه السّلام كما أشار إليه السيّد الخوئي. «(3)
ص: 50
إنّ الخوئي يرجع اربعا من الروايات المانعة الّتي يعود سندها إلي الحسين أو الحسن بن علي الهاشمي إلي رواية واحدة و يضعّف طريقها بالهاشمي لأنّه مجهول.
أضف إلي وجود ابن سنان في روايته الاولي، و زيد النرسي في طريقه الآخر.
قال: «ما رواه الكليني عن شيخه الحسين بن علي الهاشمي- كما في الوسائل-، و عن الحسن- كما في الكافي-، و لهذا الشخص روايات أربع رواها في الوسائل إلّا إنّنا نعتبر الكلّ رواية واحدة لأنّ في سند الجميع رجلا واحدا هو الهاشمي، و حيث إنّه لم يوثّق و لم يذكر بمدح، فهي بأجمعها محكومة بالضعف، مضافا إلي ضعف الاولي بابن سنان أيضا، و الثالثة بزيد النرسي علي المشهور، و إن كان مذكورا في إسناد كامل الزيارات.
و ما في الوسائل في سند الرابعة من كلمة نجية غلط و الصواب نجبة، و لا بأس به، و كيف كان فلا يعتدّ بشي ء منها بعد ضعف أسانيدها.
أقول: إنّ روايات الهاشمي قويّة عند المجلسي الأوّل، كما مرّ آنفا، ثمّ إنّ السيّد الخوئي قال في وجه تضعيف الرواية الثانية- ياسين الضرير-، «أمّا الرواية الثانية فهي ضعيفة السند بنوح بن شعيب و ياسين الضرير علي أنّ صوم عرفة غير محرّم قطعا، و قد صامه الامام كما في بعض الروايات. نعم، يكره لمن يضعفه عن الدعاء فمن الجائز أن يكون صوم يوم عاشوراء أيضا مكروها لمن يضعفه عن القيام و قال حول الرواية الأخيرة- رواية غندر-.
و هي ضعيفة السند جدّا لاشتماله علي عدّة من المجاهيل، فهذه الروايات بأجمعها ضعاف». 2
ص: 51
ثمّ أضاف في مجال تضعيف الروايات المانعة و سقوطها عن الاعتبار فضلا عن المعارضة: «فالروايات الناهية غير نقيّة السند برمّتها، بل هي ضعيفة بأجمعها، فليست لدينا رواية معتبرة يعتمد عليها ليحمل المعارض علي التقيّة كما صنعه صاحب الحدائق». (1)
أقول: و قد عرفت الجواب عن السيّد الخوئي خلال عرض كلام الشيخ الاستاذ و الشيخ النراقي و السيّد الطباطبائي و … و معه لا يبقي مجال لما يراه السيّد الخوئي.
حاصل مناقشته للرواية هو: انّ الشيخ الطوسي التزم في التهذيبين الرواية عمّن له أصل أو كتاب، فيذكر اسم صاحب الكتاب ثمّ يذكر طريقه إليه في المشيخة أو في الفهرست، و لم يلتزم بهذا المعني في مصباح المتهجّد بأنّه كلّما يرويه هنا عن شخص فهو رواية عن كتابه.
و هذه الرواية في المصباح عن ابن سنان و طريقه إلي كتابه و ان كان صحيحا و لكنّه لم يعلم أنّ ما رواه هنا فهو عن كتابه، بل لعلّه رواه عن نفس الرجل ابن سنان لا عن كتابه و لم يعرف طريقه إليه و انّه صحيح أم لا. و عليه فالرواية في حكم المرسل، و بالتالي يصحّ ما تبنّاه «من انّ الروايات الناهية كلّها ضعيفة السند فتكون الروايات الآمرة سليمة عن المعارض».(2)
ص: 52
ص: 53
قال الشيخ الاستاذ في نقاشه كلام السيّد الخوئي: أوّلا: بالنسبة إلي خصوص رواية ابن سنان فللشيخ الطوسي في الفهرست طريق إلي كتابيه:
1- كتاب الصلاة 2- كتاب اليوم و الليلة، و لم ينقل في الفهرست أكثر من كتابين لابن سنان، و لكنّ النجاشي نقل له ثلاثة كتب، ثمّ قال في ذيله: «له كتاب الصلاة الّذي يعرف بعمل يوم و ليلة: و كتاب الصلاة الكبير، و كتاب في سائر الأبواب من الحلال و الحرام، روي هذه الكتب عنه جماعات من أصحابنا لعظمه في الطائفة و ثقته و جلالته». (1)
فلنفرض عدم وجود هذه الرواية في كتاب الصلاة لابن سنان أو في كتابه الآخر.
و لكنّه يحتمل (2) وجودها في كتاب «الحلال و الحرام» الّذي يوجد لأكثر العظماء إليه سند.
ص: 54
ثانيا: عبّر الشيخ في المصباح بقوله: «روي عبد اللّه بن سنان» و فرق بين «روي» و بين «روي»، ففي الثاني يسند المطلب إلي الصادق عليه السّلام، فلو لم يكن قابلا للاعتبار لما أسنده إلي الصادق عليه السّلام مع ما يمتلكه من الدّقة و العلم و الإحاطة بالفقه و الرجال.
إذن لا إشكال في صدورها و صحّتها، و الشاهد عليه: أوّلا: قوّة المتن، و ثانيا:
تعبير الشيخ بقوله: روي و لم يعبّر بقوله روي». (1)
طريق آخر لرواية ابن سنان:
ثمّ إنّ لرواية عبد اللّه بن سنان طريق آخر صحيح غير ما رواه الشيخ الطوسي في المصباح و هو ما رواه المشهدي في مزاره، و قد تبنّي الاستاذ هذا الطريق و اعتمد عليه نتيجة لاعتماد السيّد عبد الكريم بن طاوس و ولده عليه.
قال الاستاذ: «هذا كلّه إضافة إلي وجود طريق آخر صحيح، و هو ما رواه المشهدي في مزاره عن عماد الدين الطبري و هو ثقة بلا إشكال، عن، أبي علي حسن و هو ولد الشيخ الطوسي، عن والده أبي جعفر الطوسي، عن المفيد، عن ابن قولويه و الصدوق، عن الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد اللّه بن سنان، قال: دخلت علي سيّدي أبي عبد اللّه جعفر بن محمد عليهما السّلام يوم عاشوراء». (2)
إذن حتي و لو لم يتمّ طريق الشيخ في المصباح إلي نفس هذا الرجل- ابن سنان- مع ذلك لا تسقط الرواية عن الاعتبار و ذلك لوجود طريق آخر.
أضف إلي ذلك انّه اعتمد علي هذه الروايات من ليس مبناه الاعتماد علي أخبار الآحاد كابن إدريس و ابن زهرة، فهذه الروايات موضوع لأدلّة الاعتبار قطعا». (3)
ص: 55
«و عنه- علي بن الحسن بن فضّال-، عن يعقوب بن يزيد، عن أبي همّام، عن أبي الحسن عليه السّلام قال: صام رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يوم عاشوراء». (1)
وثّقه المجلسي فقال: «موثّق»، (2) و حمله المحقّق القمّي و غيره علي التقيّة. (3)
و فيه: «سعد بن عبد اللّه، عن أبي جعفر، عن جعفر بن محمد بن عبيد اللّه بن ميمون القدّاح، عن أبي جعفر، عن أبيه عليهما السّلام قال: صيام يوم عاشوراء كفّارة سنة». (4)
رماه المجلسي بالمجهوليّة، فقال: مجهول. (5)
و فيه: «علي بن الحسن، عن محمد بن عبد اللّه بن زرارة، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان الأحمر، عن كثير النّواء، عن أبي جعفر عليه السّلام، قال: لزقت السفينة يوم عاشوراء علي الجوديّ فأمر نوح عليه السّلام من معه من الجنّ و الإنس أن يصوموا ذلك اليوم.
و قال أبو جعفر عليه السّلام: أ تدرون ما هذا اليوم؟ هذا اليوم الّذي تاب اللّه عزّ و جلّ فيه علي آدم و حوّاء، و هذا اليوم الّذي فلق اللّه فيه البحر لبني إسرائيل فأغرق فرعون و من معه، و هذا اليوم الّذي غلب فيه موسي عليه السّلام فرعون، و هذا اليوم الّذي ولد فيه إبراهيم عليه السّلام، و هذا اليوم الّذي تاب اللّه فيه علي قوم يونس عليه السّلام، و هذا اليوم الّذي ولد فيه عيسي بن مريم عليه السّلام، و هذا اليوم الّذي يقوم فيه القائم عليه السلام». (6)
ص: 56
قال المجلسي: «ضعيف، الأظهر حمله علي التقيّة لما رواه الصدوق في أماليه (1) و غيره: انّ وقوع هذه البركات في هذا اليوم من أكاذيب العامّة و مفترياتهم.
و يظهر من الأخبار الآتية أيضا أنّ تلك الأخبار صدرت تقيّة، بل المستحبّ الامساك إلي ما بعد العصر بغير نيّة، كما رواه الشيخ في المصباح (2) و غيره في غيره، و اللّه يعلم». (3)
و قد ذكر القمّي انّ كثير النّواء عامّي بتري، و قال: «مع انّ روايته من حيث المضمون مخالفة لسائر الأخبار في ولادة عيسي عليه السّلام فقد مرّ أنّها في أوّل ذي الحجّة، و توبة قوم يونس عليه السّلام فقد ورد أنّها كانت في شوّال، و توبة آدم عليه السّلام فقد ورد أنّها كانت في يوم الغدير، و غير ذلك.
و أمّا ذكر قيام القائم عليه السّلام فلعلّه من جهة تخليطه حتي لا يكذّب في سائر ما ذكره». (4)
و فيه: علي بن الحسن بن فضّال، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد اللّه، عن أبيه عليهما السّلام أنّ عليّا عليه السّلام قال: صوموا العاشوراء التاسع و العاشر فإنّه يكفّر ذنوب سنة». «(1)
ضعّفه المجلسي، فقال: ضعيف. (2)
و قال والده المجلسي الأوّل: أمّا ما رواه الشيخ عن مسعدة بن صدقة و غيره من الأخبار فمحمولة علي التقيّة، أو علي الصوم حزنا، أو الامساك بغير نيّة الصوم إلي العصر. (3)
و قال القمّي: و يمكن الجواب عن الأخبار الاوّلة بحملها علي التقيّة، و مسعدة عامّي أو بتري. (4)
و فيه: أحمد بن محمد، عن البرقي، عن يونس بن هشام، عن حفص بن غياث، عن جعفر بن محمّد عليهما السّلام قال: كان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم كثيرا ما يتفل يوم عاشوراء في أفواه أطفال المراضع من ولد فاطمة عليها السّلام من ريقه و يقول: لا تطعموهم شيئا إلي الليل، و كانوا يروون من ريق رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.
قال: و كانت الوحش تصوم يوم عاشوراء علي عهد داود عليه السّلام». (5)
قال المجلسي: الحديث ضعيف أو مجهول (6)
ص: 58
قال الفيض: كأنّ الوجه في ذلك ما روي أنّ الوحش كانت تحضر وعظ داود عليه السّلام و تذكيره لحسن صوته و إعجاب كلامه، فلعلّها سمعت منه عليه السّلام من ذلك شيئا أو أوقع اللّه في نفوسها في ذلك اليوم حزنا فتركت الأكل». (1)
أقول: و لا دلالة فيها علي استحباب الصوم.
«علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم بن محمد الجوهري، عن سليمان بن داود، عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن علي بن الحسين عليه السّلام، قال: …
أمّا الصوم الّذي صاحبه فيه بالخيار … صوم عاشوراء … «(2)
قال المجلسي: ضعيف، و الزهري نسبته إلي زهرة أحد أجداده و اسمه محمد بن مسلم بن عبيد اللّه … و هو من علماء المخالفين، و كان له رجوع إلي سيّد السّاجدين عليه السّلام … ثمّ إنّه لعلّ المراد بصوم العاشر بل التاسع أيضا: الإمساك حزنا، لورود النهي عن صومهما كثيرا، و الأظهر أنّه محمول علي التقيّة، بل الظاهر أنّ صوم السّنة و الاثنين أيضا موافقان للعامّة، كما يظهر من بعض الأخبار مع أنّ الراوي أيضا عامّي. (3)
و قال المجلسي الأوّل: الزهري من علماء العامّة و فقهائهم، و كان له انقطاع إلي علي بن الحسين عليهما السّلام و يروي عنه كثيرا.
قوله: «بالخيار» أي يجوز له الافطار بعد الشروع فيه، أو لا يجب صومه …
و الظاهر أنّه وقع تقيّة و ستجي ء الأخبار في ذمّه و انّه يوم تبرّكت به بنو اميّة لعنهم اللّه بقتلهم الحسين عليه السّلام فيه. (4)
أقول: و إن كان المعروف بل المقطوع به انّه من العامّة، و لكن نسب إلي الوحيد
ص: 59
البهبهاني (1) القول بتشيّعه، و يميل إليه التستري (2) و يقول السيّد الخوئي: «الزهري و إن كان من علماء العامّة، إلّا انّه يظهر من هذه الرواية- رواية ابن شهر آشوب و غيرها- انّه كان يحبّ علي بن الحسين و يعظّمه». (3)
8- الجعفريّات: «أخبرنا محمد، حدثني موسي، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمد عليه السّلام، عن أبيه قال: كان عليّ عليه السّلام يقول: صوموا يوم عاشوراء التاسع و العاشر احتياطا فإنّه كفّارة للسنة الّتي قبله، و إن لم يعلم به أحدكم حتي يأكل فليتمّ صومه». (4)
أقول: و في كتاب الجعفريّات كلام قد ضعّفه صاحب الجواهر و نفي كونه من الاصول المشهورة. (5)
9- ابن طاوس: «رأيناه في كتاب دستور المذكّرين بإسناده عن ابن عبّاس، فقال: إذا رأيت هلال المحرّم فاعدد، فإذا أصبحت من تاسعه فاصبح صائما. قال: قلت:
كذلك يصوم محمد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم؟ قال: نعم. «(6)
أقول: مع غضّ النظر عن السند لا دلالة فيها علي المطلوب، إذ ظاهرها استحباب أو وجوب صوم التاسع من المحرّم، و قريبا يأتي البحث حول كتاب دستور المذكّرين.
10- الصدوق: في عشر من المحرّم و هو يوم عاشوراء أنزل اللّه توبة آدم- إلي أن
ص: 60
أقول: إنّ كتاب المقنع مجموعة (1) روايات حذف المؤلّف اسنادها لئلّا يثقل حمله و يصعب حفظه و لا يملّ قارؤه، كما صرّح بذلك في أوّل مقدّمته، إلّا انّ هذه الرواية كسائر رواياته مرسلة عندنا و أنّها معارضة بما يأتي من النهي عن الصوم في يوم عاشوراء، و أنّ توبة آدم عليه السّلام لم تكن في عاشوراء.
و أمّا الصوم الّذي صاحبه فيه بالخيار فصوم يوم الجمعة- إلي أن قال: - و يوم عاشوراء. (2)
«عن جعفر بن محمد عليه السّلام أنّه قال: أوفت (3) السفينة يوم عاشوراء علي الجوديّ فأمر نوح من معه من الإنس و الجنّ بصومه، و هو اليوم الّذي تاب اللّه فيه علي آدم عليه السّلام، و هو اليوم الّذي يقوم فيه قائمنا أهل البيت عليهم السّلام». (4)
أقول: لا دلالة فيها علي مطلوبيّة الصيام في شرعنا.
أضف إلي ذلك: الكلام و التأمّل في اعتبار هذا الكتاب و اعتبار مؤلّفه القاضي نعمان المصري، و كذلك الكلام في اعتبار الفقه المنسوب إلي الامام الرضا عليه السّلام، و قد تعرّضنا لذلك في كتابنا موارد السجن، فراجع. (5)
لم يعرف عن مؤلّفه شي ء، و لعلّه شافعيّ المذهب- كما عن الذهبي-، إلّا أنّ ابن طاوس نقل عنه في مواضع من الإقبال، منها: في تسمية شوّال و صيامه، و في
ص: 62
الخامس و العشرين من رجب، و في صوم ثلاثة أيّام من الشهر الحرام، و مواضع اخري.
و لم يتعرّض له بمدح و لا ذمّ، و قد اختلف في اسمه، فعن الطهراني و النمازي و الذهبي- من العامّة- أنّ اسمه محمد بن أبي بكر، و عن خليفة في كشف الظنون: اسمه محمد بن عمر.
1- قال الطهراني: «و هو كتاب دستور المذكّرين و منشور المتعبّدين للحافظ محمد بن أبي بكر المديني، كذا نقل عنه السيّد ابن طاوس في الإقبال في اعمال عاشوراء استنادا إلي حديث: «(1) «من بلغ». (2)
و لكنّ ابن طاوس أسماه محمد بن أبي بكر المديني في البحث عن الاختلاف في ليلة القدر. (3)
2- و قال النمازي: «محمد بن أبي بكر بن أبي عيسي المديني الحافظ، لم يذكروه». (4)
3- و قال خليفة: «دستور المذكّرين لأبي موسي المديني محمد بن الحافظ، ت 581 ه». «(5)
4- و قال الذهبي: «الامام العلّامة الحافظ الكبير الثقة، شيخ المحدّثين أبو موسي محمد بن أبي بكر عمر بن أبي عيسي، المديني الأصبهاني الشافعي، صاحب التصانيف». (6)
ص: 63
و المتحصّل انّ المؤلّف ليس من علماء الاماميّة، و لكنّه شافعي، وثّقه الذهبي، فهو مقبول عندهم.
وردت في كتبهم أحاديث كثيرة نسبوها إلي النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم الكريم يظهر عليها التهافت و التعارض البيّن، الأمر الّذي ألجأ الشرّاح و المحشّين إلي استخدام التأويلات و التمحّلات الّتي سيرد عليك بعضها. أمّا الروايات فهي علي طوائف منها ما تفيد التخيير، و منها ما أمر النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بصيام عاشوراء، و لكن لم يعرف متي كان هذا الأمر؟ و منها أمر النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بالصيام في المدينة، و منها: صوم النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قبل الإسلام لصوم الجاهليّة في عاشوراء، ثمّ نسخه برمضان، فالأصل و السبب في الصوم هو موافقة الجاهليّة!
و منها: انّ بدء الصوم كان حينما قدم النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم المدينة و كانت اليهود تصوم فكأنّه أحبّ موافقتهم!!
و منها: انّ صوم هذا اليوم لأجل مخالفة اليهود، و ظاهره أنّهم ما كانوا يصومون في هذا اليوم فأمر النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم المسلمين بالصيام مخالفة لهم.
و منها: عدم الأمر بهذا الصوم بعد نزول رمضان و عدم صوم النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في يوم عاشوراء اصلا، بل ترك بعده.
و منها استمراريّة هذا الصوم و التأكيد عليه إلي قبل عام وفاته صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.
و فيما يلي بعض تلك الروايات:
«أبو عاصم، عن عمر بن محمد، عن سالم، عن أبيه رضي اللّه عنه قال: قال
ص: 64
النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، يوم عاشوراء إن شاء صام». (1)
أقول: أبو عاصم هو النبيل، الضحّاك بن مخلّد، عن عمر بن محمد بن زيد بن عبد اللّه بن عمر بن الخطّاب، عن سالم، عن أبيه: ابن عمر. و في السند: عمر بن محمد بن زيد: قيل: ليّنه يحيي بن معين، (2)الضعفاء الكبير 2: 223. ميزان الاعتدال 2: 325.
و فيه: «أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري، قال: أخبرني عروة بن الزبير أنّ عائشه قالت: كان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم أمر بصيام يوم عاشوراء، فلمّا فرض رمضان كان من شاء صام و من شاء أفطر». (3)
أقول: أبو اليمان هو الحكم بن نافع الحمصي: و شعيب: هو ابن أبي حمزة الحمصي.
فعن أحمد بن حنبل، قال بشر بن شعيب: جاء أبو اليمان بعد موت أبي فأخذ كتابه و الساعة يقول: أخبرنا شعيب، فكيف يستحلّ هذا؟! (4) فهذه و جادة اصطلاحا و ليست سماعا.
أمّا الدلالة: فمفاده نسخ وجوب الصوم، كما قاله العيني. (5)
و فيه: «حدّثنا عبد اللّه بن مسلمة، عن مالك، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهليّة، و كان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يصومه، فلمّا قدم المدينة صامه و أمر بصيامه، فلمّا فرض رمضان ترك يوم عاشوراء، فمن شاء صامه، و من شاء تركه. «(6)
ص: 65
مناقشة السند: و فيه هشام بن عروة: فعن ابن قطّان: أنّه اختلط و تغيّر، و عن الذهبي: أنّه نسي بعض محفوظه أو وهم، و عن ابن خرّاش: كان مالك لا يرضاه نقم عليه حديثه لأهل العراق. (1)
1- قال العيني: قوله: «تصومه قريش في الجاهليّة»: (2) يعني قبل الإسلام، و قوله: «كان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يصومه» أي قبل الهجرة، و قال بعضهم: إنّ أهل الجاهليّة كانوا يصومونه، و إنّ النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم كان يصومه في الجاهليّة أي قبل أن يهاجر إلي المدينة.
قال: هذا الكلام غير موجّه، لأنّ الجاهليّة إنّما هي قبل البعثة، فكيف يقول: و إنّ النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم كان يصومه في الجاهليّة، ثمّ يفسّره بقوله: أي قبل الهجرة، و النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم أقام نبيّا في مكّة ثلاث عشر سنة، فكيف يقال: صومه كان في الجاهليّة؟». (3)
ص: 66
2- أقول: أمّا صوم قريش في الجاهليّة فيحتمل فيه العسقلاني احتمالين:
الأوّل: لعلّهم تلقّوه من الشرع السالف.
الثاني: انّ قريشا أذنبت ذنبا في الجاهليّة، فعظم في صدورهم، فقيل لهم: صوموا عاشوراء يكفّر ذلك.
و لكن لا يعلم من القائل لهم! و لما ذا تابعهم رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم علي ذلك؟ فهل كان قد أذنب معهم- و العياذ باللّه؟!
ثمّ إنّ هذا النّص يناقض ما روي من أنّ النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لمّا دخل المدينة رأي اليهود تصوم في هذا اليوم، فقال: أنا أحقّ، فصامه و أمر بصيامه. و معني ذلك: أنّه ما كان يصومه قبل ذلك، أضف إلي ذلك أنّ معناه: تأثّر النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بالأجواء و التيّارات- حاشاه-، فتارة يصوم بمكّة متأثّرا بالجاهليّة، و اخري يصوم بالمدينة متأثّرا باليهود- نعوذ باللّه- أو حبّا لموافقته معهم!
3- و قال الدكتور جواد علي: « … و يظهر أنّه خبر صيام قريش يوم عاشوراء هو خبر متأخّر، و لا يوجد له سند يؤيّده، و لا يعقل صيام قريش فيه و هم قوم مشركون، و صوم عاشوراء هو من صيام يهود، و هو صيام كفّارة و استغفار عندهم.
فلم تستغفر قريش و يصومون هذا اليوم؟ و ما ذا فعلوا من ذنب ليطلبوا من آلهتهم العفو و الغفران؟
و إذا كان هناك صوم عند الجاهليّين فقد كان بالأحري أن يصومه الأحناف، (1) و لم يرد في أخبار أهل الأخبار ما يفيد صيامهم في عاشوراء و لا في غير عاشوراء.
ثمّ إنّ علماء التفسير و الحديث و الأخبار يذكرون أنّ الرسول صام عاشوراء مقدمه المدينة … و أنّه بقي عليه حتي نزل الأمر بفرض رمضان، و يظهر أنّ الرواة أقحموا اسم قريش في صيام عاشوراء لإثبات أنّه كان من السنن العربيّة القديمة الّتي
ص: 67
ترجع إلي ما قبل الإسلام، و أنّ قريشا كانت تصوم قبل الإسلام». (1)
أقول: إنّ المراد بالجاهليّة هو عهد ما قبل الإسلام، فلو كان النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يصوم في الجاهليّة فلما ذا انقطع عنه بعد البعثة و عاد إليه بعد الهجرة؟ فلو كان لأجل مخالفة المشركين فلما ذا عاد إليه بعد الهجرة؟ فهل هو لأجل حبّه موافقة أهل الكتاب و اليهود؟!!
4- و قال العسقلاني بعد هذه الأحاديث الثلاث:
أفادت تعيين الوقت الّذي وقع فيه الأمر بصيام عاشوراء، و قد كان أوّل قدومه المدينة، و لا شكّ أنّ قدومه كان في ربيع الأوّل، فحينئذ كان الأمر بذلك في أوّل السنة الثانية، و في السنة الثانية فرض شهر رمضان. فعلي هذا لم يقع الأمر بصيام عاشوراء، إلّا في سنة واحدة ثمّ فوّض الأمر في صومه إلي رأي المتطوّع، فعلي تقدير صحّة قول من يدّعي أنّه كان قد فرض فقد نسخ فرضه بهذه الأحاديث الصحيحة، و نقل عياض انّ بعض السلف كان يري بقاء فرضيّة عاشوراء لكن انقرض القائلون بذلك.
و نقل ابن عبد البرّ: الاجماع علي انّه الآن ليس بفرض و الاجماع علي انّه مستحبّ.
و كان ابن عمر يكره قصده بالصوم، ثمّ انقرض القول بذلك. (2)
أقول: أوّلا: لو ثبت انّ النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فوّض الأمر في صومه إلي رأي المتطوّع فمن أين جاء القول بالاستحباب الشرعي؟
ثانيا: كيف يدّعي ابن عبد البرّ- بل العامّة- الاجماع علي استحبابه مع انّ ابن عمر (3) كان يكره قصده بالصوم و كان ممّن يحرمه علي عهد معاوية أو يكرهه. (4)
ص: 68
5- و قال القسطلاني أيضا: «فعلي هذا- ترك يوم عاشوراء- لم يقع الأمر بصومه إلّا في سنة واحدة، و علي تقدير القول بفرضيّته فقد نسخ و لم يرو عنه أنّه عليه الصلاة و السلام جدّد للنّاس أمرا بصيامه بعد فرض رمضان، بل تركهم علي ما كانوا عليه من غير نهي عن صيامه، فإن كان أمره عليه الصلاة و السلام بصيامه قبل فرض صيام رمضان للوجوب فإنّه يبتني علي أنّ الوجوب إذا نسخ هل ينسخ الاستحباب أم لا؟ فيه اختلاف مشهور.
و إن كان أمره للاستحباب فيكون باقيا علي الاستحباب». (1)
أقول: إذا كان واجبا ثمّ نسخ فهل الباقي بعد نسخ الوجوب هو الاستحباب أو الحظر أو علي ما كان عليه سابقا … فيه الاختلاف العريق و معه فما الدليل علي تبنّي القول بالاستحباب وحده، مع هذا الاختلاف في المباني الاصوليّة؟!
ثمّ إنّه لو كان مستحبّا ثمّ نسخ فما الدليل علي بقاء الاستحباب حينئذ؟؟
5- البخاري: «عن مالك، عن ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف أنّه سمع معاوية بن أبي سفيان يوم عاشوراء عام حجّ و هو علي المنبر يقول: يا أهل المدينة أين علماؤكم؟ سمعت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يقول لهذا اليوم: هذا يوم عاشوراء و لم يكتب عليكم صيامه و أنا صائم، فمن شاء فليصم، و من شاء فليفطر». (2)
بالوجوب أو الكراهة أو الحرمة، كما هو نصّ الخبر، فحينئذ قوله: «أنا صائم» إن كان من كلام معاوية فيكون استحباب الصوم و فضله يوم عاشوراء سنّة امويّة لا محمديّة.
و إن كان من رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فكيف يري أهل المدينة خلاف ذلك إلي عام 57 أو 44 عام حجّ معاوية مع انّهم كانوا أقرب إلي النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم من معاوية الّذي أسلم عام الفتح و لم يصاحب النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم الكريم إلّا أيّاما قلائل فكيف يكون هو أعرف بالسنّة من أهل المدينة؟! فتأمّل.
قوله: «أين علماؤكم؟» في سياق هذه القصّة إشعار بأنّ معاوية لم ير اهتماما بصيام عاشوراء، فلذلك سأل عن علمائهم أو بلغه عمّن يكره صيامه او يوجبه». (1)
أقول: علي الاحتمالين- الكراهة أو الوجوب- تكون الرواية ظاهرة في خلاف ما يدّعي من الاجماع علي الاستحباب المؤكّد، و ذلك لوجود من يقول بالكراهة أو الوجوب، كما أشار إليه العسقلاني.
6- البخاري: «حدّثنا أبو معمر، حدّثنا عبد الوارث، حدّثنا أيّوب، حدّثنا عبد اللّه بن سعيد بن جبير، عن أبيه، عن ابن عبّاس رضي اللّه عنهما، قال: قدم النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم المدينة فرأي اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يوم صالح، هذا يوم نجّي اللّه بني اسرائيل من عدوّهم فصامه موسي، قال: فأنا أحقّ بموسي منكم، فصامه و أمر بصيامه». (2)
يرد عليه: نقاش دلالي، و نقاش سندي:
أمّا الدلالي:
أوّلا: مفاد هذا الحديث انّ النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ما كان يصوم قبل قدومه المدينة، بل
ص: 70
أخذه من اليهود بعد قدومه، و صدّقهم في ذلك، و ما كان يعلم بهذا النوع من الصيام، و هذا ينافي ما روي أنّه كان يصوم في الجاهليّة …
ثانيا: ظاهر الخبر بقرينة الفاء «قدم المدينة فرأي» انّ النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم حين قدومه المدينة وجد اليهود صياما يوم عاشوراء، فهذا النصّ صريح أو ظاهر في المفاجاة مع أنّ قدومه المدينة كان في شهر ربيع الأوّل.
ثالثا: انّ إخبار اليهود غير مقبول، فكيف يعمل النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بخبرهم؟ و قد اجيب عن الثاني بما فيه تكلّف و تمحّل ظاهر. و فيما يلي بعض ذلك:
أ- انّ المراد؛ انّ أوّل علمه بذلك و سؤاله عنه كان بعد أن قدم المدينة لا انّه قبل أن يقدمها علم بذلك، و غايته انّ في الكلام حذفا تقديره: قدم النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم المدينة فأقام إلي يوم عاشوراء، فوجد اليهود فيه صياما.
ب- يحتمل أن يكون أولئك اليهود كانوا يحسبون يوم عاشوراء بحساب السنين الشمسيّة فصادف يوم عاشوراء بحسابهم اليوم الّذي قدم فيه النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.
و قد استبعد العسقلاني (1) هذا الاحتمال كما تأمّل فيه العيني. (2)
إذن «الفاء» صريحة أو ظاهرة في المفاجاة، و النصّ يأبي هذه التقديرات و التكلّفات.
و قد اجيب عن الاشكال الثالث بتأويلات لا ترجع إلي محصّل، و فيما يلي بعضها:
أ- انّ الوحي نزل حينئذ علي وفق ما حكموا.
ب- إنّما صام باجتهاده.
ج- أخبر من أسلم منهم كعبد اللّه بن سلام.
د- تواتر الخبر عند النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.
ص: 71
و ارتكاب هذه التمحّلات دليل علي عدم إمكان الأخذ بظاهر الحديث، مع انّ هذه الوجوه محض احتمال لا دليل عليها.
أمّا النقاش السندي:
1- في السند أبو معمر، و هو عبد اللّه بن عمرو المنقري، و كان الأرزي لا يحدّث عنه للقدر يخافه عليه.
و عن أبي حاتم: صدوق، غير انّه لم يكن يحفظ.
و عن الذهبي: «لا يقع لنا حديثه فيما علمت عاليا … و حديثه في الكتب مع بدعته … ». (1)
2- و في السند أيضا: عبد الوارث بن سعيد، قال الذهبي:
«قدري، (2) متعصّب لعمرو بن عبيد، (3) و كان حمّاد بن زيد ينهي المحدّثين عن الحمل عنه للقدر». (4)
و قال أيضا: «قدري مبتدع». (5)
و قال يزيد بن زريع: «من أتي مجلس عبد الوارث فلا يقربني». (6)
7- البخاري: حدّثنا علي بن عبد اللّه، حدّثنا أبو اسامة، عن أبي عميس، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، عن أبي موسي، قال: كان يوم عاشوراء تعدّه اليهود عيدا قال النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم، فصوموه أنتم». «(7)
ص: 72
ص: 73
أقول: هذا خلاف ما روي سابقا من أنّ اليهود كانت تصوم يوم عاشوراء، و بالتالي لم يتّضح و لم يعرف أنّ اليهود هل كانت تصوم في هذا اليوم أم لا؟ و يفهم من العسقلاني: انّ اليهود ما كانت تصوم يوم عاشوراء حيث قال: «فظاهره أنّ الباعث علي الأمر بصومه محبّة مخالفة اليهود حتي يصام ما يفطرون فيه لأن يوم العيد لا يصام. و قد وردت رواية تصرّح بأنّ اليهود كانت تعظّم هذا اليوم و تصومه كما في حديث أبي موسي: و إذا اناس من اليهود يعظّمون عاشوراء و يصومونه.
و في حديث مسلم: كان أهل خيبر يصومون يوم عاشوراء يتّخذونه عيدا و يلبسون نساءهم فيه حليتهم و شارتهم- أي هيئتهم الحسنة-». (1)
إذن: يرد عليه انّ مفاد هذا الحديث أنّ اليهود تعدّه عيدا، و هذا مناقض للحديث السابق: فرأي اليهود تصوم، و قد فهم القسطلاني أيضا ما أوردناه، فقال:
قوله: «فصوموه أنتم» مخالفة لهم، فالباعث علي الصيام في هذا غير الباعث في حديث ابن عبّاس السابق، إذ هو باعث علي موافقته يهود المدينة علي السبب و هو شكر اللّه تعالي علي نجاة موسي عليه السّلام». (2)
و قد أجيب كسابقه بما لا يرجع إلي محصّل، و فيما يلي بعضه:
أ- لا يلزم من كونه عندهم عيدا الافطار، لاحتمال أنّ صوم يوم العيد جائز عندهم.
ب- انّ هؤلاء اليهود غير يهود المدينة، فالنبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم وافق يهود المدينة و خالف غيرهم من اليهود، و هي محاولات يائسة و لا تدفع التهافت، إذ مفاد الاولي صيام اليهود يوم عاشوراء، و مفاد الثانية إفطارهم …
2- و في السند أيضا: أبو موسي الأشعري: و قد رماه حذيفة بن اليمان بالنفاق (1) و كان منحرفا عن علي بن أبي طالب عليه السّلام. (2)
8- البخاري: حدّثنا عبيد اللّه بن موسي، عن ابن عيينة، عن عبيد اللّه بن أبي يزيد، عن ابن عبّاس رضي اللّه عنه قال: ما رأيت النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يتحرّي صيام يوم فضّله علي غيره إلّا هذا اليوم- يوم عاشوراء-، و هذا الشهر- يعني شهر رمضان-». (3)
أوّلا: انّ مفاد هذا النصّ هو انّ يوم عاشوراء أفضل الأيّام للصائم بعد رمضان مع انّ مفاد نصوص اخري هو: انّ صيام يوم عرفة أفضل من صيام يوم عاشوراء، و انّه يكفّر سنتين، فلا بدّ و أن يقال: إنّ ابن عبّاس أسند ذلك إلي علمه و فهمه. (4)
ثانيا: مفاده استمراريّة النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و مداومته علي هذا الصيام، و انّه كان يتحرّي - أي يقصد- هذا اليوم و يترصّده للصيام فيه مع انّ هذا مناف لما نقلوا عن عائشة أنّ النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لمّا قدم المدينة صامه و أمر بصيامه، فلمّا فرض رمضان ترك يوم عاشوراء. (5)
و في السند: سفيان بن عيينة، فهو و إن كان عندهم ثقة لكنّه مدلّس. «(6) و عن يحيي بن سعيد القطّان: أشهد أنّ سفيان اختلط سنة سبع و تسعين و مائة فمن سمع منه
ص: 75
فيها فسماعه لا شي ء». (1)
فيحتمل صدور هذا الحديث بعد عام الاختلاط فلا ضمان لسلامة السند.
و أمّا ابن أبي يزيد فهو و إن كان ثقة عندهم و مات 126 ه (2)
9- البخاري: حدّثني محمود، أخبرنا عبيد اللّه، عن إسرائيل، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللّه (ابن مسعود) قال: دخل عليه الأشعث و هو (3) يطعم، فقال: اليوم عاشوراء، فقال: كان يصام قبل أن ينزل رمضان، فلمّا نزل رمضان ترك. فادن فكل. «(4)
و مفاد هذا النصّ هو عدم المطلوبيّة و لو بعنوان الاستحباب، إذ لم يقصد الأشعث الوجوب إذ من الأكيد نسخه علي عهد الرسول الأعظم.
قال الذهبي: «هو الامام الحبر، فقيه الامّة، كان من السابقين الأوّلين، و من النجباء العالمين، شهد بدرا و هاجر الهجرتين … و مناقبه غزيره، روي علما كثيرا. اتّفقا له في الصحيحين علي أربعة و ستّين، و انفرد له البخاري بإخراج أحد و عشرين حديثا، و مسلم بإخراج خمسة و ثلاثين حديثا، و له عند بقيّ بالمكرّر ثمانمائة و أربعون حديثا، و كان معدودا في أذكياء العلماء … و انّه أوّل من جهر بالقرآن بمكّة بعد رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.
و انّه كما عن الأنصاري ما أعلم النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ترك أحدا أعلم بكتاب اللّه من هذا القائم، و نسب إلي علي عليه السّلام أنّه قال فيه: فقيه في الدين، عالم بالسنّة، و نسب إليه أيضا أنّه قال: إنّه علم الكتاب و السنّة، ثمّ انتهي.
ص: 76
و عن أبي موسي: لا تسألوني عن شي ء ما دام هذا الحبر بين أظهركم، و عنه أيضا: مجلس كنت أجالسه ابن مسعود أوثق في نفسي من عمل السنة.
و عن أبي وائل: ما أعدل بابن مسعود أحدا.
و عن الشعبي: ما دخل الكوفة أحد من الصحابة أنفع علما و لا أفقه صاحبا من عبد اللّه … ». (1)
أقول: كيف يترك العامّة قول من هو عندهم فقيه الامّة، و روي علما كثيرا، و انّه عالم بالسنّة، و فقيه في الدين، و يقال بأنّ الامّة أجمعت علي الاستحباب و ترك قول ابن مسعود و ابن عمر؟!! و كيف يتلاءم هذا مع مبناهم و اصولهم!!
و أمّا عندنا؛ مختلف فيه، فعن المرتضي: لا خلاف بين الامّة في طهارة ابن مسعود و فضله و إيمانه و مدح النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم له و ثنائه عليه، و انّه مات علي الحالة المحمودة. (2)
و عن السيّد الخوئي: لم يثبت انّه والي عليّا عليه السّلام و قال بالحقّ، و لكنّه مع ذلك لا يبعد الحكم بوثاقته لوقوعه في إسناد كامل الزيارات. (3)
و عن التستري: أنّه والي القوم و مال معهم و لم يتّبع عليّا». (4)
10- البخاري: حدّثنا يحيي بن بكير، حدّثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة.
و حدّثني محمد بن مقاتل، قال: أخبرني عبد اللّه هو ابن المبارك، قال: أخبرنا محمد بن أبي حفصة، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: كانوا يصومون عاشوراء قبل أن يفرض رمضان و كان يوما تستر فيه الكعبة، فلمّا فرض اللّه رمضان قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: «من شاء أن يصومه فليصمه، و من شاء أن يتركه
ص: 77
فليتركه». (1)
أقول: إن كان المراد من «كانوا يصومون عاشوراء» صوم الجاهليّة و قريش فيرد عليه إشكال النسي ء (2) في شهر المحرّم عند الجاهليّة، و لازمه عدم تحقّق صومهم في يوم عاشوراء بالمعني المعروف، و إن كان المراد صوم اليهود فقد أثبتنا انّهم ما كانوا يصومون في المحرّم و عاشوراء بالمعني المصطلح. نعم، لعلّه كان يتّفق شهرهم مع شهر محرّم و عاشوراء.
و حينئذ فما هو مرجع الضمير في قوله: فليصمه؟ هل هو بمعناه المعروف- العاشر من المحرّم- أو غيره؟؟
11- البخاري: «حدّثنا المكّي بن إبراهيم، حدّثنا يزيد، عن سلمة بن الأكوع، قال: أمر النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم رجلا من أسلم أن: أذّن في النّاس انّ من كان أكل فليصم بقيّة يومه، و من لم يكن أكل فليصم اليوم يوم عاشوراء». (3)
و في سنن أبي داود: «فأتمّوا بقيّة يومكم و اقضوه».
قال أبو داود: يعني يوم عاشوراء. (4)
أقول: هل هذا الأمر صدر منه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في عام الهجرة إلي المدينة أم في السنوات الاخري الّتي بعدها؟
فعلي الأوّل: فقد مرّ انّه نسخ بعد ذلك العام.
ص: 78
و علي الثاني: فهو مخالف لتصريح الشّراح، كالعسقلاني و غيره، من انّه لم يقع الأمر بصيام عاشوراء إلّا في سنة واحدة. هذا و قد استدلّ بعضهم بهذا الحديث علي إجزاء الصوم بغير نيّة لمن طرأ عليه العلم بوجوب صوم ذلك اليوم، و لكنّه مورد للنقاش عندهم و مردود. (1)
12- مسلم: حدّثنا يحيي بن يحيي التميمي و قتيبة بن سعيد، جميعا، عن حمّاد، قال يحيي: أخبرنا حمّاد بن زيد، عن غيلان، عن عبد اللّه بن معبد الزماني، عن أبي قتادة رجل أتي النبي …
ثمّ قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: ثلاث من كلّ شهر و رمضان إلي رمضان فهذا صيام الدهر كلّه … و صيام يوم عاشوراء احتسب علي اللّه أن يكفّر السنة الّتي قبله». (2)
قال الترمذي: «لا نعلم في شي ء من الروايات أنّه قال: صيام يوم عاشوراء كفّارة سنة إلّا في حديث أبي قتادة». (3)
و قال ابن حجر: قال البخاري: لا يعرف له- أي ابن معبد- سماع من أبي قتادة». (4)
و أورده ابن عديّ في الضعفاء. (5)
13- أبو داود: قال حدّثنا شعبة، قال: أخبرني أبو إسحاق، قال: سمعت الأسود بن يزيد يقول: ما رأيت أحدا كان آمر بصيام عاشوراء من علي بن أبي طالب و أبي موسي. (6)
أقول: إنّ هذا النصّ ينافي ثبوت النسخ، و إنّ النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لم يأمر و لم ينه بعد ذلك
ص: 79
أحدا.
إضافة إلي أنّ أبا إسحاق السبيعي رمي تارة بالتدليس و اخري بإفساده حديث أهل الكوفة. (1)
14- أبو داود: حدّثنا شيبان، عن أشعث بن أبي الشعثاء، عن جعفر بن أبي ثور، عن جابر بن سمرة، قال: كان رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يأمرنا بصيام عاشوراء و يحثّنا و يتعاهدنا عنده، فلمّا فرض رمضان لم يأمرنا به، و لم ينهنا عنه، و لم يتعاهدنا عنده. (2)
أقول: و هذا الحديث لا يفهم منه لا الرجحان و لا الاستحباب، بل دلالته علي عدم الاستحباب أكثر و أتمّ.
15- أبو داود: قال: حدّثنا شعبة، عن الحكم، عن القاسم بن مخيمرة، عن عمرو بن شرحبيل، عن قيس بن سعد بن عبادة، قال: كنّا نصوم يوم عاشوراء، و نعطي زكاة الفطر قبل أن ينزل علينا صوم رمضان و الزكاة، فلمّا نزلا لم نؤمر بهما و لم ننه عنهما و كنا نفعله. (3)
و هذا الحديث أيضا لا يفهم منه لا الرجحان و لا الاستحباب، بل ترك لهم كأيّ فعل مباح.
16- عن مالك أنّه بلغه أنّ عمر بن الخطّاب أرسل إلي الحارث بن هشام أن غدا يوم عاشوراء فصم و أمر أهلك أن يصوموا. (4)
أقول: و فضلا عن إرسال هذا النصّ فإنّ عمر بن الخطّاب ليس بمشرّع، بل المفروض أن يكون متّبعا، ثمّ ليس في قوله أنّه يرويه عن النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.
17- أبو داود: حدّثنا سليمان بن داود المهري، ثنا ابن وهب، أخبرني يحيي بن
ص: 80
أيّوب أنّ إسماعيل بن أميّة القرشي حدّثه أنّه سمع أبا غطفان يقول: سمعت عبد اللّه بن عبّاس يقول: حين صام النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يوم عاشوراء أمرنا بصيامه، قالوا: يا رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم إنّه يوم تعظّمه اليهود و النصاري! فقال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: فإذا كان العام المقبل صمنا يوم التاسع، فلم يأت العام المقبل حتي توفّي رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم. (1)
أقول: مفاده انّ النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم كان يأمر بصيام عاشوراء إلي آخر أيّامه و أراد صيام التاسع فلم يمهله الأجل، و هذا ينافي ما ورد في السنن: انّه لم يأمر و لم ينه عن صوم عاشوراء بعد نزول صوم رمضان. (2)
و ينافي ما ورد في البخاري عن عائشة: انّه ترك صوم عاشوراء بعد ما فرض رمضان، و ما ورد من أنّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ما صام يوم عاشوراء.
أضف إلي ذلك انّه لم يعهد من النصاري تعظيمهم لهذا اليوم.
و في السند: يحيي بن أيّوب و هو أبو العبّاس الغافقي المصري، فعن ابن حنبل:
هو سيّئ الحفظ، و عن أبي حاتم: لا يحتجّ به، و عن النسائي: ليس بالقويّ، و عن الذهبي: له غرائب و مناكير يتجنّبها أرباب الصحاح». «2»(3)
18- ابن ماجة: حدّثنا علي بن محمد، ثنا وكيع، عن ابن أبي ذئب، عن القاسم بن عبّاس، عن عبد اللّه بن عمير مولي ابن عبّاس، عن ابن عبّاس. قال: قال
ص: 81
رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: لئن بقيت إلي القابل لأصومنّ اليوم التاسع». (1)
أقول: يحتمل اتّحاده مع الحديث السابق و انّه روي بطريق آخر، و لكنّ لا دلالة فيه علي رجحان أو استحباب صوم عاشوراء إلّا علي رواية أحمد بن يونس: مخافة أن يفوته عاشوراء، و لكنّه استظهار و فهم الراوي و ليس هو من كلام النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم.
و في السند: وكيع بن الجرّاح، و قد قال فيه أحمد: أخطأ في خمسمائة حديث. (2)
19- ابن ماجة: حدّثنا محمد بن رمح أنبأنا الليث بن سعد، عن نافع، عن عبد اللّه بن عمر أنّه ذكر عند رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يوم عاشوراء، فقال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم كان يوما يصومه أهل الجاهليّة، فمن أحبّ منكم أن يصومه فليصمه، و من كرهه فليدعه. (3)
20- الدارمي: أخبرنا يعلي، عن محمد بن إسحاق عن نافع، عن ابن عمر، قال:
قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم هذا يوم عاشوراء، و كانت قريش تصومه في الجاهليّة، فمن أحبّ منكم أن يصومه فليصمه، و من أحبّ منكم أن يتركه فليتركه، و كان ابن عمر لا يصومه إلّا أن يوافق صيامه. (4)
21- الترمذي: حدّثنا قتيبة، حدّثنا عبد الوارث، عن يونس، عن الحسن، عن ابن عبّاس قال: أمر رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بصوم عاشوراء يوم العاشر. (5)
أقول: و هو لا ينافي ما ورد عنه أنّه لم يأمر بهذا الصوم بعد رمضان، إذ لعلّ المراد هنا بالأمر هو الأمر قبل نسخه.
أقول: و لا دلالة فيها علي الندب و المطلوبيّة، بل فيها تعريض و كناية بمن كان
ص: 82
يصومها، حيث قال: يصومه أهل الجاهليّة.
22- النسائي: أخبرني زكريّا بن يحيي، قال: حدّثنا شيبان، قال: حدّثنا أبو عوانة، عن الحرّ بن صياح، عن هنيدة بن خالد، عن امرأته قالت: حدّثتني بعض نساء النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم أنّ النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم كان يصوم يوم عاشوراء و تسعا من ذي الحجّة. (1)
أقول: الحديث مرسل، إذ لم يعرف من هي امرأته و لم يرد لها توثيق، أضف إلي ذلك انّ مفادها الاستمرار، و هو ينافي ما ورد من أنّه لم يصم عاشوراء.
23- عبد الرّزاق: عن إسماعيل بن عبد اللّه، قال: أخبرني يونس بن عبيد، عن
الحكم الأعرج، عن ابن عبّاس قال: إذا أصبحت بعد تسع و عشرين ثمّ، أصبح صائما فهو يوم عاشوراء. (2)
أقول أوّلا: لم يسند إلي النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و ثانيا: لا دلالة فيه علي المطلوب، و ذلك لأنّ يوم العاشر غير يوم الثلاثين الّذي عبّر عنه بقوله: «بعد تسع و عشرين، ثمّ أصبح …
24- عبد الرّزاق: أخبرنا ابن جريج، قال: أخبرني عطاء أنّه سمع ابن عبّاس يقول في يوم عاشوراء: خالفوا اليهود و صوموا التاسع و العاشر. (3)
أقول: و مفاده انّ اليهود ما كانت تصوم يوم عاشوراء، بل كانت تتّخذه عيدا، و هذا مناف لما ورد من أنّه كانت اليهود تصوم عاشوراء، و أنّ النبي قال: نحن أحقّ بموسي …
25- عبد الرّزاق، عن ابن جريج، قال: سمعت عطاء يزعم أنّ النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم أمر بصيام يوم عاشوراء … قالوا: كيف بمن أكل؟ قال: من أكل و من لم يأكل. (4)
أقول: أوّلا: الحديث مرسل، ثانيا: مرّ البحث و النقاش في نظيره فلا نعيد.
26- ابن عبد البرّ: قال ابن أبي خيثمة، حدّثنا محمد بن سعيد الأصبهاني، حدّثنا
ص: 83
معاوية بن هشام، عن سفيان، عن قليب، عن جابر، قال: قالت عائشة: من أفتاكم بصوم عاشوراء؟ قالوا: عليّ. قالت: أمّا إنّه أعلم النّاس بالسنّة، و كانت كثيرا ما ترجع إليه في المسائل. (1)
أقول: في السند مجاهيل، إضافة إلي إجمال الحديث، إذ لم يعرف من الحديث أنّه عليه السّلام هل أفتي بالوجوب أو الحرمة أو الاستحباب؟ مع انّه من البعيد جدّا الفتوي بالاستحباب مع ورود النصوص الّتي نقلوها في انّ النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم لم يأمر و لم ينه عنه بعد صوم رمضان، و لا كلام في انّ عليّا أعلم الصحابة بسنّة الرسول صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بل و بالكتاب. (2)
27- الهيثمي: عن عمّار قال: امرنا بصوم عاشوراء قبل أن ينزل رمضان، فلمّا نزل رمضان لم نؤمر. (3)
قال الهيثمي: رواه الطبراني في الكبير و رجاله رجال الصحيح.
28- الهيثمي: عن الخدري أنّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم أمر بصوم عاشوراء و كان لا يصومه. (4)
أقول: أ فيأمر و لا يأتمر؟؟
ثمّ إنّ روايتي الهيثمي تدلّان تدل علي عكس المطلوب، و انّ النبي لم يأمر بصيام عاشوراء، بل ما كان يصومه بعد نزول صوم رمضان.
علما بأنّ الهيثمي أورد في كتابه قرابة من ثلاثين حديثا في صوم عاشوراء و ضعّف اكثرها. (5)
29- البيهقي: باب ما جاء في تفله في أفواه المرتضعين يوم عاشوراء، فتكفوا به
ص: 84
إلي الليل:
روي بسندين عن عليّة بنت الكميت العتكيّة، عن أمّها اميمة قالت: قلت لأمة اللّه بنت رزينة مولاة رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: يا أمة اللّه أسمعت أمّك رزينة تذكر أنّها سمعت رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يذكر صوم يوم عاشوراء؟ قالت: نعم كان يعظّمه و يدعو برضعائه و رضعاء ابنته فاطمة و يتفل في أفواههم و يقول للأمّهات: لا ترضعن إلي الليل. (1)
و قال ابن حجر: أخرجه ابن أبي عاصم و ابن مندة من طريق عليلة- بمهملة مصغّرة- بنت الكميت، حدّثتني أمّي أمينة، عن أمة اللّه بنت رزينة. (2)
و أخرجه أبو مسلم الكنجي و أبو نعيم من طريقه، عن مسلم بن إبراهيم، عن عليلة مطوّلا و لفظه: حدّثتنا عليلة بنت الكميت سمعت أمّي أمينة. (3)
لم يعرف لنا حال عليّة أو عليلة كما لم يعرف حال أميمة أو امنيه كما أشار الهيثمي قائلا: و عليلة و من فوقها لم أجد من ترجمهنّ. (4)
ثمّ متي كان لفاطمة أطفال رضعاء؟ أبعد نزول آية شهر رمضان أم قبل ذلك؟ و قد ولد الامام الحسن عليه السّلام و هو أوّل مولود لفاطمة الزهراء عليها السّلام في النصف من شهر رمضان في السنة الثالثة من الهجرة،(5) مع أنّ فرض رمضان كان في العام الثاني من الهجرة. (6) و ما علاقة الأطفال الرضّع غير المكلّفين بالصوم عن الرضاع و اللبن؟
30- السيوطي: أخرج ابن المنذر، عن عبد اللّه بن عمرو، قال: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: من صام يوم الزينة أدرك ما فاته من صيام تلك السنة، و من تصدّق
ص: 85
يومئذ بصدقة أدرك ما فاته من صدقة تلك السنة- يعني يوم عاشوراء-. «(1)
ص: 86
ذكر المفسّرون ليوم الزينة و جوها أربعة:
1- يوم عيد لهم يتزيّنون فيه.
2- يوم النيروز، كما عن مقاتل.
3- يوم سوق لهم، كما عن ابن جبير.
4- يوم عاشوراء، كما نسب إلي ابن عبّاس. (1)
هذا و لم يرد في تفاسيرنا و لا في رواياتنا تفسيره بيوم عاشوراء، بل بمعني: أنّه يوم لهم يجري بينهم مجري العيد يتزيّنون فيه و يزيّنون الأسواق، كما عن قتادة و ابن جريج و السّدّي و ابن زيد و ابن إسحاق. (2)
و لعلّ التفسير بيوم عاشوراء من البدع الأمويّة و إعلامهم المضلّل للتغطية علي الجريمة الكبري الّتي صدرت منهم في كربلاء بحقّ سيّد شباب أهل الجنّة و أهل بيت الرسول صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و لأجل التصغير من حجمها و التقليل من شأنها، و صرف الرأي العامّ الّذي كان ضدّ الشجرة الخبيثة الأمويّة بسبب هذه الجريمة النكراء بحيث كانوا يحسّون بالذلّ و الهوان في كلّ يوم سيّما يوم عاشوراء حتي صار مثلا علي الألسن، و يشبّه الفرد الذليل بالأمويّ يوم عاشوراء، كما أورده الميداني في كتابه من دون أيّ تعليق:
«أذلّ من أمويّ بالكوفة يوم عاشوراء». (3)
سيّما انّ ما نسب إلي ابن عبّاس من تفسير يوم الزينة بيوم عاشوراء «4(4) محلّ
ص: 87
تأمّل، و فيه كلام في سنده. أضف إلي ذلك حتي و لو كان بمعني يوم عاشوراء لكنّه لا ينطبق مع السنين القمريّة لأنّ حسابهم كان وفقا للسنة الشمسيّة لا القمريّة، كما انّه لا بدّ من مخالفتهم في ذلك اليوم لا الموافقة معهم، و جعله يوم فرح و سرور و تزيّن و اكتحال!!
30- الشوكاني: انّ النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال: إنّ الصرد أوّل طير صام عاشوراء.
رواه الخطيب عن أبي غليظ مرفوعا، و لا يعرف في الصحابة من له هذا الاسم. «(1)
و في اسناده: عبد اللّه بن معاوية منكر الحديث.
و رواه الحكيم الترمذي عن أبي غليظ، عن أبي هريرة: قال: الصرد أوّل طير صام. (2)
عن التوضيح: هذا من قلّة الفهم فإنّ الطائر لا يوصف بالصوم. «(3)
عن الحاكم: انّه من الأحاديث الّتي وضعها قتلة الحسين رضي اللّه عنه. و هو حديث باطل رواته مجهولون. (4)
ثمّ لا دلالة له علي المطلوب من استحباب الصوم يوم عاشوراء.
31- الشوكاني: من صام عاشوراء اعطي ثواب عشرة آلاف ملك.
قال: ذكره في اللئالي مطوّلا عن ابن عبّاس مرفوعا، و هو موضوع. «(5)
ص: 88
ص: 89
1- آراء الفقهاء
أ- كلمات القائلين بالحرمة
ب- كلمات القائلين بالاستحباب
ج- كلمات القائلين بالاستحباب حزنا
ص: 90
د- كلمات القائلين بالإمساك إلي العصر
ه- كلمات القائلين بالكراهة
2- آراء الفقهاء السنّة
ص: 91
إلي هنا ننتهي من عرض الروايات المانعة و المجوّزة و المناقشات السنديّة و الدلاليّة و الجواب عنها، و فيما يلي نذكر آراء الفقهاء فنقول: اختلف الفقهاء في حكم صوم عاشوراء علي أقوال: فبعضهم قال بالحرمة، كما عن صاحب الحدائق المحدّث البحراني، و صاحب مرآة العقول المجلسي، و الشيخ الاستاذ الخراساني، و يميل إليه الخوانساري في جامع المدارك، و النراقي في المستند.
و عن جمع آخر القول بالكراهة، و هو رأي أكثر المعاصرين من فقهائنا، كالسيّد اليزدي، و البروجردي، و الحكيم، و غالب المعلّقين علي العروة الوثقي، و السبزواري.
مع اتّفاق القولين ظاهرا علي استحباب الامساك إلي العصر، و انّ هذا ليس هو الصوم الاصطلاحي، بل هو مجرّد إمساك، و هو الظاهر من العلّامة الحلّي في بعض كتبه، و الشهيد الأوّل في الدروس و غاية المراد، و الشهيد الثاني في المسالك فإنّه فسّر الصوم يوم عاشوراء بهذا المعني ليس إلّا، و السبزواري في الذخيرة، و كاشف الغطاء في
ص: 92
كشف الغطاء، و البهائي في الجامع، و الفيض في الوافي و المفاتيح و النخبة، و الطباطبائي في الرياض و الشرح الصغير، و الأردبيلي في مجمع الفائدة، و النراقي في المستند، و السيّد الخوانساري في المدارك، و الشيخ الوالد في الذخيرة.
و قال جماعة آخرون بالاستحباب، و هم بين من أطلق القول بالاستحباب، كالصدوق في الهداية، و المحقّق في نكت النهاية، و آقا جمال الخوانساري في المشارق،
و السيّد الخوئي في المستند- مع إصرار منه رحمه اللّه عليه-.
و قيّده آخرون بعنوان الحزن، كما هو المشهور، و هو قول الشيخ الطوسي في التهذيب و الاستبصار و الاقتصاد و الرسائل العشر، و المفيد في المقنعة، و ابن البرّاج في المهذّب، و ابن زهرة في الغنية، و الصهرشتي في اشارة السبق، و ابن إدريس الحلّي في السرائر، و يحيي بن سعيد في الجامع، و المحقّق الحلّي في الشرائع و الرسائل التسع، و العلّامة الحلّي في المنتهي و الإرشاد، و السبزواري في الكفاية، و المحقّق النجفي في الجواهر.
1- ظهور بل صراحة النصوص في الحرمة، و هي:
- خبر زرارة و محمد بن مسلم، عن الصادق عليه السّلام.
- خبر جعفر بن عيسي.
- خبر يزيد- زيد- النرسي.
- خبر نجبة بن الحارث.
- خبر زرارة.
- خبر الحسين بن أبي غندر.
- خبر عبد الملك.
ص: 93
- خبر جبلة المكّيّة (1)
2- إنّ ضعفها منجبر بوجودها في الكتب المعتبرة مع صحّة بعضها، و عن البعض: انّ استفاضتها، بل تواترها يكفي في حصول العلم بصدورها و صحّتها.
3- حمل الروايات المجوّزة أو الآمرة علي التقيّة لموافقتها للعامّة فقها و حديثا فلم يحرز أصالة الجدّ و الجهة «(2) فيها فلا يصل الدور إلي التعارض بين الطائفتين من الروايات، و لو فرضنا أنّه وصل إلي التعارض يؤخذ بما خالف العامّة.
4- إنّ صوم النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم كان قبل نزول صوم شهر رمضان، و أمّا بعد ذلك نسخ ذلك الصوم.
5- لا معني لحمل الروايات المجوّزة علي الاستحباب حزنا و جزعا، و ذلك لظهور خبر الحسين بن أبي غندر في عدم الصوم للمصيبة، بل الصوم هو للشكر و السلامة.
6- تعيّن العمل بصحيحة ابن سنان الّتي مفادها مجرّد الامساك إلي العصر و لا يسمّي صوما، و هو رأي صاحب المدارك و الحدائق و غيرهما. و ليست هذه الرواية ضعيفة، كما ادّعاه السيّد الخوئي في المستند، فالمجموع من هذه الأدلّة علي سبيل منع الخلوّ يكون دليل القول بالحرمة.
1- الاجماع كما ادّعاه في الغنية، بل عدم وجدان الخلاف، كما عن جواهر الكلام، لكنّه مدركي أو محتمل المدركيّة.
2- خبر أبي همّام، عن أبي الحسن عليه السّلام: صام رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم (3) و الرواية و إن
ص: 94
كانت موثّقة لكنّها محمولة علي التقيّة، كما عن المحقّق القمّي و غيره. (1)
3- خبر القدّاح، عن الصادق عليه السّلام أنّه كفّارة سنة (2) لكنّه مجهول، كما عن المجلسي. (3)
4- خبر مسعدة عن الصادق عليه السّلام: صوموا العاشوراء، (4) لكنّه ضعيف و محمول علي التقيّة. (5)
5- خبر كثير النّواء، (6) لكنّه كسابقه ضعيف و محمول علي التقيّة لأنّ وقوع هذه البركات في يوم عاشوراء من أكاذيب العامّة و مفترياتهم. (7)
6- دعوي ضعف جميع الروايات (8) الناهية عن الصوم يوم عاشوراء.
إلي هنا يكون هذا دليل القول باستحباب صوم يوم عاشوراء من دون تقييد بالصوم علي وجه الحزن، و هذا هو القول بالاستحباب المطلق.
و قد اجيب عن هذه الدعوي: انّ ملاحظة عدد الروايات المانعة و كيفيّة تلقّي السلف و تعاملهم معها و ملاحظة السيرة القطعيّة للمتشرّعة و مطابقتها مع هذه الروايات، و جمع الشيخ الطوسي بين هذه الروايات و الروايات المجوّزة تخرجها عن كونها روايات و مستندات ضعيفة. (9)
ص: 95
7- إنّه بعد التعارض بين الروايات المجوّزة و الناهية يجمع بينهما بالحمل علي استحباب الصوم علي وجه الحزن و حرمة الصوم علي وجه الشكر و الفرح!!
و هذا هو دليل القول بالاستحباب المقيّد بعنوان الحزن.
و اجيب عنه: إنّ يوم عاشوراء حسب الروايات الناهية غير قابل لماهيّة الصوم، بل الصوم يعدّ بدعة و موجبا للهلكة، و لا معني للصوم علي وجه الحزن، لأنّ الحزن لا يكون سببا لاستحباب الصوم أصلا، بل السبب لاستحباب الصوم هو أيّام الفرح و السرور، و أين ذلك من يوم عاشوراء الّذي هو يوم مصيبة و عزاء؟!
و هو كلام متين و مقبول، فتأمّل.
8- ضعف رواية ابن سنان الّتي فيها: صم من غير تبييت، و قد أجاب البعض عنه بوجود طريق آخر غير طريق الشيخ في المصباح، و هو ما رواه المشهدي في مزاره.
أضف إلي ذلك عدم صحّة دعوي الضعف، بل الرواية صحيحة و صادرة قطعا …
9- عدم القول بالحرمة أو الكراهة أو ندرة القول بها، بل هو مناف لظاهر اتّفاق الاصحاب.
لكنّه استبعاد محض و لا يعدّ دليلا فقهيّا.
أضف إلي ذلك تبنّي الكثير من فقهائنا القول بالحرمة أو الكراهة، و قد مرّ ذكر اسمائهم، و ستحیء آراوهم.
ص: 96
10- إنّ هذا الصوم يكون من المواساة لأهل البيت عليهم السّلام ممّا لاقوه من العطش و الجوع … فهذا الصوم يوافقه الاعتبار!
أقول: يكفيه في المواساة لأهل البيت عليهم السّلام العمل برواية ابن سنان: من الصوم من غير تبييت و الافطار من غير تشميت.
أضف إلي ذلك أنّ المواساة لا يعدّ وجها و دليلا شرعيّا يستند إليه في جعل العمل مستحبّا- شرعيّا- بل يحتاج إلي دليل خاصّ.
1- إنّ الصوم في عاشوراء سنّة للأعداء، و اتّصاف بصفاتهم، و إشعار بزيّهم، و هذا مثل ما ورد في كراهة الاتّصاف بأوصاف اليهود و النصاري. (1)
2- حمل الروايات المانعة عن الصوم علي الكراهة بقرينة وحدة السياق بينها و بين روايات النهي عن صوم عرفة.
3- الاستناد إلي ظهور قول أبي جعفر عليه السّلام: أ فصوم يكون في ذلك اليوم؟ كلّا و ربّ البيت الحرام ما هو يوم صوم، و ما هو إلّا يوم حزن دخل علي أهل السماء و الأرض.
4- حمل الروايات الآمرة بالصوم علي الامساك حزنا لا الامساك بقصد الصوم، أو حمل هذه الروايات علي التقيّة.
5- عدم معهوديّة الصوم يوم عاشوراء من الأئمّة عليهم السّلام و لا من أصحابهم.
أقول: دلالة الوجه الأوّل و الثالث و الخامس علي التحريم أظهر من الدلالة علي الكراهة.
و الجواب عن الثاني: هو انّه علي فرض أن يكون وحدة السياق و النظم قرينة
ص: 97
و دليلا علي الكراهة، لكن لا بدّ من رفع اليد عن هذه القرينة و الدليل بالروايات الاخري الّتي مفادها التحريم.
و الجواب عن الرابع: إنّ هذا الحمل مقبول، و لكنّه لا يخدم القول بالكراهة، إذ حتي علي القول بالتحريم يحمل الروايات الآمرة بالصوم يوم عاشوراء علي الامساك حزنا أو علي التقيّة.
و يري بعض الفقهاء- بملاحظة رواية ابن سنان المذكورة في المصباح و المزار و رواية ميثم التّمار (1) و سيأتي الاشارة إليه في آخر الكتاب. - انّ هذا الصوم لم يتأكّد استحبابه سيّما و انّه مشارك في الصورة مع الأعداء حتي و إن كانت النيّة عندنا الحزن و عندهم التبرّك و السرور، بل إنّ استحباب هذا الصوم و إتمامه إنّما يكون ثابتا فيما لم يتمكّن من الافطار و لو لأجل التقيّة، فحينئذ ينوي به الصوم علي وجه الحزن لا مطلق الصوم. (2) (3)
أقول: و قد أشرنا سابقا إلي انّ ماهيّة الصوم يوم عاشوراء موجب للهلكة، و أنّها موبقة حتي إذا تعنون بعنوان الحزن.
و بالجملة فإنّ دلالة هذه الأخبار علي التحريم مطلقا أظهر ظاهر لكنّ العذر لأصحابنا فيما ذكروه من حيث عدم تتّبع الأخبار كملا و التأمّل فيها. و قال: فتحريم صيامه مطلقا من هذه الأخبار أظهر ظاهر … (4)
ص: 98
ص: 99
و بالجملة الأحوط ترك صيامه مطلقا. (1)
و أمّا استحباب صوم يوم عاشوراء فلخبر عبد اللّه بن ميمون القدّاح، عن جعفر، عن أبيه عليهما السّلام قال: صيام يوم عاشوراء كفّارة سنة، و قيّده المصنّف و جماعة بأن يكون علي وجه الحزن لمصاب سيّد شباب أهل الجنّة لا أن يكون علي جهة التبرّك و الشكر كما يصنعه بنو اميّة و أتباعهم، و بذلك جمع الشيخان و غيرهما- قدس سرّهم- بين ما سمعت و بين النصوص المتضمّنة للنهي عن صومه كصحيح زرارة و محمد بن مسلم سألا الباقر عليه السّلام عن صوم يوم عاشوراء من شهر الحرام، فقال: يوم فيه حوصر الحسين … و جزم بعض متأخّري المتأخّرين بالحرمة ترجيحا للنصوص الناهية، و حملا لما دلّ علي الاستحباب علي التقيّة و الظاهر أنّ هذا أقرب خصوصا مع ملاحظة خبر عبد اللّه بن سنان، عن الصادق عليه السّلام قال: دخلت عليه يوم عاشوراء فألفيته كاسف اللون … فإنّ من المعلوم أنّ صوم هذا السائل لم يكن بعنوان التبرّك. (2)
ص: 100
ص: 102
إنّ السيّد الخوئي بعد أن ضعّف سند روايات المنع و ادّعي أنّها غير نقيّة السند و رأي أنّ صحيحة زرارة و محمد بن مسلم لا تتضمّن نهيا، بل غايته انّ صومه صار متروكا و منسوخا، و لعلّه كان واجبا سابقا، ثمّ ابدل بشهر رمضان فلا تدلّ علي نفي الاستحباب عنه بوجه فضلا عن الجواز، قال: أمّا نفس الصوم في هذا اليوم إمّا قضاء أو ندبا، و لا سيّما حزنا فلا ينبغي التأمّل في جوازه من غير كراهة، فضلا عن الحرمة.
و قال قبل ذلك: و أمّا الروايات المتضمّنة للأمر و استحباب الصوم في هذا اليوم فكثيرة مثل صحيحة القدّاح … و موثّقة مسعدة بن صدقة … و نحوها غيرها و هو مساعد للاعتبار نظرا إلي المواساة مع أهل بيت الوحي و ما لاقوه في هذا اليوم العصيب من جوع و عطش و سائر الآلام و المصائب العظام الّتي هي أعظم ممّا تدركه الأفهام و الأوهام. فالأقوي استحباب الصوم في هذا اليوم من حيث هو … نعم، لا
ص: 103
إشكال في حرمة صوم هذا اليوم بعنوان التيمّن و التبرّك و الفرح و السرور كما يفعله أجلاف آل زياد و الطغاة من بني أميّة من غير حاجة إلي ورود نصّ أبدا، بل هو من أعظم المحرمات فإنّه ينبئ عن خبث فاعله و خلل في مذهبه و دينه و هو الّذي اشير إليه في بعض النصوص المتقدّمة … و يكون من الاشياع و الاتباع الّذين هم مورد اللعن في زيارة عاشوراء، و هذا واضح لا سترة عليه، بل هو خارج عن محلّ الكلام. (1)
انّ تصريحه في أجود التقريرات بمداومة الأئمّة عليهم السّلام علي الترك و أمرهم أصحابهم به (2) ينافي ما تبنّاه من الاستحباب.
و يرد عليه رحمه اللّه: انّ القول بالاستحباب ينافي أيضا قوله بالكراهة في حاشية العروة و هكذا في رسالته العمليّة.
أقول: لعلّه رجع عن هذا الرأي و هذا لا يعدّ اشكالا …
و لعلّ هذا القول يفهم من كلام الشيخ الصدوق أيضا، قال: أمّا الصوم الّذي صاحبه فيه بالخيار فصوم يوم الجمعة و يوم عاشوراء كلّ ذلك صاحبه فيه بالخيار إن شاء صام و إن شاء أفطر. (3)
و أمّا الّذي صاحبه فيه بالخيار فصوم يوم عاشوراء علي وجه الامساك فيه مصيبة آل محمّد عليهم السّلام. (4)
أقول: لم يفهم منه الاستحباب.
ص: 104
أمّا المندوب: … و صوم يوم عاشوراء علي وجه الحزن و المصيبة لما حلّ بأهل بيت الرسول عليهم السّلام. (1)
3- و قال أيضا: أمّا المسنون فجميع أيّام السنة إلّا الأيّام الّتي يحرم فيها الصوم غير انّ فيها ما هو أشدّ تأكيدا و هي أربعة عشر قسما و صوم يوم عاشوراء علي وجه الحزن و المصيبة. (2)
4- و قال أيضا في الجمع بين الأخبار المتعارضة: فالوجه في هذه الأحاديث انّ من صام يوم عاشوراء علي طريق الحزن بمصاب رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و الجزع لما حلّ بعترته فقد أصاب، و من صامه علي ما يعتقد فيه مخالفونا من الفضل في صومه و التبرّك به و الاعتقاد لبركته و سعادته فقد أثم و أخطأ. (3)
5- ابن البرّاج: و أمّا المندوب فهو ضربان أحدهما مشدّد فيه علي وجه التأكيد … أمّا المشدّد فيه فهو … صوم يوم عاشوراء علي جهة الحزن بمصاب أهل البيت عليهم السّلام. (4)
6- ابن زهرة: أمّا الصوم المندوب … و صوم عاشوراء علي وجه الحزن. (5)
7- الصهرشتي قال في الصوم المندوب: و عاشر المحرّم للحزن و المصيبة. (6)
8- ابن إدريس: يستحبّ … و صوم يوم عاشوراء علي وجه الحزن بمصاب آل الرسول عليهم السّلام. (7)
9- يحيي بن سعيد: الصوم المسنون: … و يوم عاشوراء علي وجه الحزن، و روي
ص: 105
الفطر فيه بعد العصر. (1)
ص: 106
10- المحقّق الحلّي: «و الندب من الصوم قد يختصّ وقتا و المؤكّد منه أربعة عشر قسما … و صوم عاشوراء علي وجه الحزن. (1)
11- و قال أيضا: يستحبّ من الصوم … و عاشوراء حزنا. (2)
12- و قال أيضا: و الصوم الّذي يكون صاحبه فيه بالخيار فيوم الجمعة و الخميس و … يوم عاشوراء. (3)
أقول: لعلّه مقتبس أو إشارة إلي رواية الزهري، عن الامام زين العابدين عليه السّلام، و الّتي ضعّفها المجلسي في المرآة. (4)
و فسّر والده المجلسي الأوّل هذه الفقرة بقوله: أي يجوز له الافطار بعد الشروع فيه أو لا يجب صومه. (5)
13- العلّامة الحلّي: و صوم يوم عاشوراء مستحبّ حزنا لا تبرّكا، لأنّه يوم جرت فيه أعظم المصائب، و هو قتل الحسين بن علي عليهما السّلام و هتك حريمه فكان الحزن بترك الأكل و الملال به، و احتمال الأذي متعيّنا. و لما رواه سعد بن صدقة … و عن أبي همّام … و عن أبي عبد اللّه بن ميمون القدّاح، و قد روي الجمهور عن ابن عبّاس …
و قد وردت أحاديث في كراهته محمولة علي ما قلناه من الصوم للتبرّك. و من صام علي ما يعتقد فيه مخالفونا من الفضل في صومه و التبرّك به و الاعتقاد لبركته و سعادته فقد أثم و أخطأ. (6)
14- و قال في الارشاد: الصوم أربعة: واجب … و مندوب و هو عاشوراء حزنا. «(7)
ص: 107
15- المحقّق محمد باقر السبزواري: و اختلفت الروايات في صوم يوم عاشوراء؛ فبعضها تدلّ علي الاستحباب و انّه كفّارة سنة، و بعضها تدلّ علي المنع و أنّ من صامه كان حظّه من ذلك اليوم حظّ ابن مرجانة و آل زياد و هو النار، و الشيخ في الاستبصار جمع بين الأخبار بأنّ من صام يوم عاشوراء علي طريق الحزن بمصاب آل محمّد عليهم السّلام و الجزع لما حلّ بعترته صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فقد أصاب …
و هو غير بعيد، و في بعض الروايات: و ليكن إفطارك بعد العصر علي شربة من ماء. (1)
16- الشيخ محمد حسن النجفي: أمّا الندب من الصوم … و المؤكّد منه أربعة عشر قسما: … الثامن: بلا خلاف أجده فيه، بل في ظاهر الغنية الاجماع عليه- صوم يوم عاشور- لخبر أبي همّام، عن أبي الحسن، و خبر عبد اللّه بن ميمون القدّاح، عن جعفر، عن أبيه، و خبر مسعدة بن صدقة، عن الصادق عليه السّلام، و خبر كثير النّواء عن الباقر عليه السّلام، لكن قيّده المصنّف و جماعة بأن يكون علي وجه الحزن لمصائب سيّد شباب أهل الجنّة و ما جري عليه في ذلك اليوم، ممّا ينبغي لوليّه أن يمنع نفسه عن الطعام و الشراب طول عمره فضلا عن ذلك اليوم لا أن يكون علي جهة التبرّك و الشكر كما يصنعه بنو أميّة و أتباعهم … و بذلك جمع الشيخان و غيرهما بين ما سمعت و بين النصوص المتضمّنة للنهي عن صومه.
و هذا مع انّه مناف لظاهر اتّفاق الأصحاب و معلوميّة حصر الحرمة في غيره لكن فيه: إنّ أقصي ما يستفاد من هذه النصوص الكراهة خصوصا بعد جمعه مع الاثنين و مع يوم عرفة، كمعلوميّة أنّ المذموم و المنهيّ عنه اتّخاذه كما يتّخذه المخالفون و التبرّك فيه و إظهار الفرح و السرور فيه لا انّ المنهيّ عنه مطلق صومه، و انّه كالعيد
ص: 108
و أيّام التشريق و إلّا لم يكن ليخفي مثل ذلك علي زرارة و محمد بن مسلم حتي يسألا عنه ضرورة حينئذ كونه كصوم العيدين.
نعم، قد يقال بنفي التأكيد عنه لمشاركته في الصورة لأعداء اللّه و إن اختلفت النيّة، بل لعلّ ذلك إنّما يكون إذا لم يتمكّن من إفطاره و لو للتقيّة فينوي فيه الوجه المزبور لا مطلقا خصوصا مع ملاحظة خبر عبد اللّه بن سنان، عن الصادق عليه السّلام … و خصوصا بعد ما روي عن ميثم التمّار … ممّا يدلّ علي كذب ما ذكروا وقوعه فيه من خروج يونس. و به يظهر ضعف خبر كثير النّواء الّذي روي ذلك، مضافا إلي ما قيل فيه من انّه بتري عامّي قد تبرّأ الصادق عليه السّلام منه في الدنيا و الآخرة.
و علي كلّ حال فلا ريب في جواز صومه سيّما علي الوجه الّذي ذكره الأصحاب.
و ما في المسالك من أنّ مرادهم بصومه علي جهة الحزن: الامساك إلي العصر كما في
الخبر المزبور، واضح الضعف، بل يمكن القطع بفساده بأدني ملاحظة، و اللّه أعلم. (1)
أقول: مراد المحقّق النجفي هو أنّ تفسير الشهيد الثاني كلام الأصحاب و انّهم أرادوا بالصوم خصوص الامساك إلي العصر لا الصوم الاصطلاحي تفسير بعيد عن الواقع، إذ ظهور بل صراحة كلامهم تأبي هذا التوجيه و التفسير. نعم، لا ننكر وجود جمع غفير من فقهائنا صرّحوا بأنّ المراد بالصوم هو الامساك إلي العصر، و يأتي قريبا أقوالهم، و لكنّ هذا لا يعني إرجاع جميع الكلمات إلي هذا التفسير.
1- قال الشهيد الثاني
في شرح قول المحقّق: «و الندب من الصوم … و صوم عاشوراء علي وجه الحزن». قال: أشار بقوله علي وجه الحزن إلي أنّ صومه ليس صوما معتبرا شرعا، بل هو إمساك بدون نيّة الصوم لأنّ صومه متروك كما وردت به
ص: 109
الرواية، و ينبّه علي ذلك قول الصادق عليه السّلام: صمه من غير تبييت، و افطره من غير تشميت، و ليكن فطرك بعد العصر، فهو عبارة عن ترك المفطّرات اشتغالا عنها بالحزن و المصيبة، و ينبغي أن يكون الامساك المذكور بالنيّة لأنّه عبادة. (1)
2- قال المحقّق الكركي
في شرح قول العلّامة في القواعد: «و عاشوراء حزنا» قال: أي صومه ليس صوما معتبرا شرعا، بل هو الامساك بدون نيّة الصوم لأنّ صومه متروك كما وردت به الرواية فيستحبّ الامساك فيه إلي بعد العصر حزنا، و صومه شعار بني اميّة لعنهم اللّه سرورا بقتل الحسين عليه السّلام. (2)
3- العلّامة الحلّي:
يستحبّ صوم يوم عاشوراء حزنا لا تبرّكا لأنّه يوم قتل أحد سيّدي شباب أهل الجنّة الحسين بن علي صلوات اللّه عليه، و هتك حريمه، و جرت فيه أعظم المصائب علي أهل البيت عليهم السّلام فينبغي الحزن فيه بترك الأكل و الملاذ.
و إذا عرفت هذا فإنّه ينبغي أن لا يتمّ صوم ذلك اليوم، بل يفطر بعد العصر لما روي عن الصادق عليه السّلام: انّ صومه متروك بنزول شهر رمضان، و المتروك بدعة. (3)
4- و قال أيضا: و يستحبّ صوم العشر بأسره، فإذا كان اليوم العاشر أمسك عن الطعام و الشراب إلي بعد العصر ثمّ يتناول شيئا من التربة. (4)
5- الشهيد الأوّل: و في صوم عاشوراء حزنا كلّه أو إلي العصر أو تركه روايات، و روي: صمه من غير تبييت و افطره من غير تشميت، و يفهم منه استحباب ترك المفطّرات لا علي أنّه صوم حقيقي، و هو حسن. «(5)
6- و قال أيضا: … يستحبّ صوم العشر فإذا كان يوم العاشر أفطر بعد العصر
ص: 110
من غير أن ينوي الصوم، بل ينوي فيه الامساك خاصّة. «(1)
7- و قال الأردبيلي: … و لا يبعد استحباب محض الامتناع عن الأكل و الشرب كسائر المشتهيات لا صومه سواء أفطر بعد العصر ليخرج عن الصوم ظاهرا كما هو المشهور المعمول أم لا، و يمكن حمل مثل المتن علي ما قلناه من الاستحباب كما هو الظاهر و علي ما بعده أيضا، فتأمّل … (2)
8- الشيخ البهائي: في بيان الصوم المستحبّ … الثالث عشر صوم يوم عاشوراء، و هو اليوم العاشر من المحرّم إلي وقت العصر، ثمّ يفطر علي الماء أو تربة كربلاء بنيّة الشفاء بشرط عدم الزيادة عن قدر الحمّصة. (3)
9- السبزواري: و العمل بمضمون هذه الرواية متّجه- أي رواية بن سنان، عن الصادق-، و كأنّه المقصود كما قاله بعض الأصحاب إلّا انّه خلاف ما صرّح به جماعة منهم. «(4)
10- الفيض الكاشاني: أقول: بل الأولي ترك صيامه علي كلّ حال، لأنّ الترغيب في صيامه موافق للعامّة مسند إلي آبائهم عليهم السّلام- كذا-، و هذا من أمارات التقيّة فينبغي ترك العمل به، و لأنّ صيامه متروك بصيام شهر رمضان و المتروك بدعة …
و لو حمل ترغيب صيام هذا اليوم علي الامساك عن المفطّرات عامّة النهار من دون إتمامه إلي الليل علي وجه الحزن كما ورد به بعض الأخبار لكان حسنا و هو ما رواه صاحب التهذيبين في مصباح المتهجّد؛ عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه سأله عنه، فقال: صمه من غير تبييت … «(5)
ص: 111
11- و قال في المفاتيح: و من المستحبّ صوم التأديب، و هو الامساك عن المفطّرات في بعض النهار تشبّها بالصائمين، و هو ثابت بالنصّ و الاجماع في سبعة مواطن: المسافر إذا قدم أهله … و الأظهر أنّ صوم يوم عاشوراء من هذا القبيل لقول الصادق عليه السّلام: صمه من غير تبييت، و افطره من غير تشميت …
و ينبغي العمل علي هذا الحديث لاعتبار سنده. (1)
12- و قال أيضا: يستحبّ يوم عاشوراء تحزّنا إلي ما بعد العصر. (2)
13- الحرّ العاملي: يحرم صوم التاسع و العاشر من المحرّم بقصد التبرّك لا الحزن. (3)
14- المجلسي: و أمّا صوم يوم عاشوراء فقد اختلفت الروايات فيه و جمع الشيخ بينها بأنّ من صام يوم عاشوراء علي طريق الحزن بمصائب آل محمد عليهم السّلام فقد أصاب …
و الأظهر عندي: أنّ الأخبار الواردة بفضل صومه محمولة علي التقيّة، و إنّما المستحبّ الامساك علي وجه الحزن إلي العصر لا الصوم، كما رواه الشيخ في المصباح؛ عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنّه قال: صمه من غير تبييت، و بالجملة الأحوط ترك صيامه مطلقا. (4)
15- كاشف الغطاء: و ورد في صوم تاسوعا و عاشوراء أنّ صومها يعدل سنة، و الأولي أن لا يصوم العاشر إلّا إلي ما بعد صلاة العصر بساعة، و ينبغي له الافطار حينئذ علي شربة من ماء. (5)
16- قال الطعّان: … إنّ ما جنح إليه المشهور منهدم الأركان، متداعي البنيان، و
ص: 112
أمّا ما استدلّ به لهم من نفي الخلاف و منقول الاجماع و الأخبار، فهو من الضعف بمكان، أمّا الأوّلان فلما لا يخفي علي من رقي ذري العرفان من شيوع الخلاف في سائر الأزمان علي وجه ينتفي فيه مناط الحجيّة الّذي هو الكشف عن قول المعصوم سيّد البريّة.
و أمّا الأخبار فالجواب عنها: أمّا إجمالا فلمعارضتها بما هو أقوي عمدا، و أكثر عددا و أصحّ سندا و أبعد عن مذاهب أهل الخلاف أمدا، و قد تكثّرت الأخبار عن الأئمّة الأطهار في بيان ميزان الترجيح و المعيار، باطّراح ما وافق اولئك الأشرار معلّلا، في كثير منها، انّ الرشد في خلاف اولئك الفجّار، و حيث قد وافقت هذه الأخبار مذهبهم سقطت عن درجة الاعتبار … (1)
و قال الطعّان بعد نقل كلام المسالك:
«إلّا انّه بعيد غاية، و مناف لقواعدهم نهاية، لما تقرّر عندهم من انّ أسماء العبادات حيث تطلق في لسان المتشرّعة إنّما تحمل علي المعاني الشرعيّة دون المعاني اللغويّة، و لشيوع الخلاف قديما و حديثا بين علماء الاماميّة، فلو صحّ هذا الوجه لانتفي الخلاف من رأس، و انهدم من الأساس نعم، يمكن حمل الصيام في كلمات النبي و الأئمّة الأعلام علي هذا المعني المذكور في تلك الرواية الصحيحة الحسني، إمّا علي القول بعدم ثبوت الحقائق الشرعيّة فظاهر لكلّ ذي رويّة، و إمّا علي القول بثبوتها فلأنّ الحمل علي المعاني الثانويّة المنقولة الشرعيّة مشروط بعدم وجود القرينة المعيّنة للمعاني الأصليّة اللغويّة، و القرينة هنا موجودة و هي و إن لم تكن داخليّة مقالية لكنّها خارجيّة حاليّة، و هي النهي عن الصوم الشرعي في تلك الأخبار القويّة، و تبيين كيفيّة الصوم الّذي هو وظيفة ذلك اليوم في هاتين الروايتين الدالّتين علي المطلوب بالصراحة الجليّة. (2)
ص: 113
17- الطباطبائي: و صوم يوم عاشوراء حزنا بمصاب آل محمد عليهم السّلام بلا خلاف أجده بل عليه الاجماع في الغنية.
قالوا: جمعا بين ما ورد في الأمر بصومه و أنّه كفّارة سنة، و ما ورد أنّ من صامه كان حظّه من ذلك حظّ آل زياد و ابن مرجانة عليهم اللعنة.
و لا شاهد علي هذا الجمع من رواية، بل في جملة من الأخبار المانعة ما يشيّد خلافه.
لكنّها كغيرها غير نقيّة الأسانيد شاذّة، فلا يمكن أن يثبت بها تحريم و لا كراهة، و لا يخصّص بها العمومات باستحباب الصوم بقول مطلق و أنّه جنّة.
و يكفي في الاستحباب بالخصوص فتوي الأصحاب معتضدة بإجماع الغنية و لكنّ في النفس بعد منه شي ء، سيّما مع احتمال تفسير الصوم علي وجه الحزن بما ذكره جماعة من استحباب الامساك عن المفطّرات إلي العصر، كما في النصّ، و ينبغي أن يكون العمل عليه. (1)
18- النراقي: منها صوم يوم عاشوراء، فإنّه قال باستحبابه جمع من الأصحاب علي وجه الحزن و المصيبة، بل قيل: لا خلاف فيه أجده … و لا يخفي أنّه لا دلالة في شي ء من أخبار الطرفين علي المذكور «التقييد بكونه حزنا»، و لا شاهد علي ذلك الجمع من وجه … بل مقتضي الطريقة طرح الأخبار الاولي بالكلّية، لمرجوحيّتها بموافقة أخبث طوائف العامّة موافقة قطعيّة، و الأخبار بها مصرّحة، و لذلك جعل في الوافي الأولي تركه.
و قال بعض مشايخنا فيه بالحرمة، و هو في غاية الجودة، بمعني حرمته لأجل الخصوصيّة و إن لم يحرم من جهة مطلق الصوم.
ص: 114
و لا يضرّ ضعف إسناد بعض تلك الأخبار بعد وجودها في الكتب المعتبرة، مع أنّ فيها الصحيحة.
و لا يرد ما قيل من أنّها مخالفة للشهرة، بل لم يقل به أحد من الطائفة، و مع ذلك مع أخبار استحباب مطلق الصوم معارضة، لأنّ جميع ذلك إنّما يرد لو قلنا بالتحريم بالمرّة لا بقصد الخصوصيّة، و لأجل أنّه السنّة، و أمّا معه فلا نسلّم المخالفة للشهرة، و لا تعارضها أخبار مطلق الصوم.
فالحقّ حرمة صومه من هذه الجهة فإنّه بدعة عند آل محمد عليه السّلام متروكة، و لو صامه من حيث رجحان مطلق الصوم لم يكن بدعة و إن ثبتت له المرجوحيّة الإضافيّة.
و الأولي العمل برواية المصباح المتقدّمة، و أمّا ما في رواية النّواء من ذكر بعض فضائل يوم عاشوراء فيعارضه ما في رواية اخري في مجالس الصدوق في تكذيب تلك الرواية … (1)
19- المحقّق القمّي: «لا إشكال في أنّ صوم عاشوراء من جهة اليمن و التبرّك به حرام، بل قد ينتهي إلي الكفر، و الأخبار مستفيضة بأنّ من فعله كذلك فهو في سلك آل زياد.
و كذلك لا إشكال في استحباب الامساك عن الأكل و الشرب و حزنا علي مصائب آل محمد صلوات اللّه عليهم اجمعين.
إنّما الاشكال في استحباب الصوم لا بقصد التيمّن أو عدمه، بل المستحبّ الامساك إلي العصر، ثمّ الافطار بشربة من ماء.
فالّذي يظهر من المحقّق في الشرائع هو استحباب الصوم الواقعي علي سبيل الحزن، كما فهمه صاحب المدارك … و لعلّ ذلك بالنظر إلي فتواهم باستحباب صومه
ص: 115
حزنا علي مصائب آل محمد عليهم السّلام و هو مشكل، إذ قد عرفت الاشكال في أنّ المراد من هذه العبادة: هل هو الصوم الواقعي أو الامساك إلي العصر؟ … و أمّا حكاية صوم رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فيمكن دفعه باحتمال نسخه … و أمّا ما يدلّ علي الامساك حزنا إلي العصر فهو ما رواه الشيخ في المصباح … و الظاهر أنّه الصحيح. (1)
20- و قال أيضا: و يبقي الاشكال في ترجيح الصوم الشرعي علي وجه التحرّز أو الامساك إلي العصر، و الظاهر أنّ كليهما مرضيان، لكنّ الثاني أرجح، و لذلك لم يذكر الكليني في جوازه رواية أصلا، و اقتصر علي اختيار المنع، و كذلك كثير من الفقهاء، و مع ذلك فلم يظهر قول بالحرمة من أحد إلّا علي وجه التيمّن و التبرّك باليوم كما يتيمّن به الأعداء.
فالّذي هو محرّم هو صومه بقصد التيمّن و الّذي هو مندوب صومه من جهة انّه يوم من أيّام اللّه تعالي و من حيث إنّه صوم، أو من حيث إنّه هذا اليوم بقصد التحزّن و ترك اللذّة فيه، و الّذي هو مكروه صومه لأنّه عاشوراء لا لأجل التبرّك و التيمّن، و لا لأجل التحزّن لأنّه تشبّه بالأدعياء و أعداء آل محمد عليهم السّلام. (2)
21- قال العاملي: … و هنا فوائد: الاولي: روي الشيخ في المصباح، عن الصادق عليه السّلام: صمه من غير تبييت، و افطره من غير تشميت، و لا تجعله يوم صوم كملا، و ليكن إفطارك بعد العصر بساعة علي شربة من ماء …
و ينبغي العمل بمضمون هذه الرواية لاعتبار سندها إلّا انّ الامساك علي هذا الوجه لا يسمّي صوما. (3)
22- الشيخ الوالد: أمّا الكلام في الصوم المندوب … و منها صوم يوم عاشوراء مقتل سيّدنا المظلوم الشهيد علي وجه الحزن كذا قيّده جملة من الأصحاب كأنّهم
ص: 116
جعلوا ذلك وجه الجمع بين الأخبار الواردة فيه أمرا و نهيا.
قلت: و هذه الرواية- رواية عبد الملك- تصير شاهد الجمع، و انّه إذا صام علي وجه الحزن لا بأس به و لكن من غير تبييت، و افطر بعد العصر.
و يؤيّده، بل يدلّ علي ذلك، ما رواه الشيخ في المصباح، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: دخلت عليه يوم عاشوراء فألفيته كاسف اللون …
و الانصاف انّ هذه الرواية هي الّتي يلوح منها آثار الصدق، و ينبغي الركون و السناد و الاعتماد عليها فيه، و اللّه العالم. (1)
أقول: لكنّه علّق علي كلام استاذه الامام الاصبهاني في بحث الصوم المندوب قائلا: أوّل يوم من المحرّم و ثالثه و سابعه، بل الشهر المحرّم كلّه يستحبّ صومه. (2)
لكن لعلّ مقصوده غير يوم عاشوراء من الشهر، إذ عرفت أنّ رأيه هو استحباب الامساك إلي العصر.
فرع: ما هو حكم صوم النذر المعيّن أو غير المعيّن في يوم عاشوراء أو إتيان الصوم بسبب تضيّق الوقت للقضاء؟
لقد أشار إليه القمّي فقال: إذا وجب صومه بسبب كقضاء رمضان سيّما إذا تضيّق وقته فلا كراهة، بل قد يحرم تركه، و كذلك النذر المطلق و النذر المعيّن من غير جهة انّه عاشوراء كنذر الخميس إذا وقع فيه. و أمّا النذر المعيّن من جهة فهو موقوف علي رجحانه و يشكل فيما لو نذر صوم محرّم بتمامه غفلة عن حال يوم العاشوراء.
و الظاهر انعقاد النذر و وجوب الاتيان به، إذ ليس ذلك نذرا لخصوصيّة اليوم حتي يكون مرجوحا، بل لأنّه يوم من أيّام اللّه، و لازم ذلك انّه إذا تفحّص الانسان حاله و جزم بأنّ التبرّك و التيمّن ليس في نظره أصلا، و لا يختلج بخاطره قطعا، و صام من حيث إنّه يوم من أيّام السنة لا من حيث إنّ هذا اليوم الخاصّ فلا يكون
ص: 117
صومه مرجوحا بالنسبة إلي إفطاره، فالّذي هو محرّم هو صومه بقصد التيمّن و الّذي هو مندوب صومه من جهة انّه يوم من أيّام اللّه، و من حيث إنّه صوم، أو من حيث إنّه هذا اليوم بقصد التحزّن و ترك اللّذة فيه، و الّذي هو مكروه صومه لأنّه عاشوراء لا لأجل التبرّك و التيمّن و لا لأجل التحزّن لأنّه تشبّه بالأدعياء و أعداء آل محمد عليهم السّلام. (1)
أقول: هذا علي عدم فرض الحرمة و إلّا فيختلف الأمر، إذ قد يقال بعدم انعقاد النذر حينئذ.
لا حاجة إلي الاستقراء و التتبّع في كلماتهم و عرضها بالتفصيل، إذ من المسلّم المؤكّد عندهم هو تبنّي رأي استحباب صوم عاشوراء، و انّه مجمع عليه عندهم رغم ثبوت كراهة ذلك عند بعض الصحابة، كابن مسعود و ابن عمر، و رغم نقلهم انّ الرسول الأعظم صلّي اللّه عليه و آله و سلّم كان يكثر من صوم شعبان دون محرّم، و هذا ينافي دعواهم أنّ الفضل في شهر محرّم و عاشوراء، و فيما يلي بعض الآراء:
«كان ابن عمر يكره قصده بالصوم». «(2)
«و كان عبد اللّه لا يصومه إلّا أن يوافق صومه». (3)
«و قد روي عن ابن مسعود و ابن عمر ما يدلّ علي أنّ أصل استحباب صيامه زال». (4)
ص: 118
«اتّفق أصحابنا و غيرهم علي استحباب صوم عاشوراء و تاسوعاء». (1)
«و صيام عاشوراء كفّارة سنة، و جملته انّ صيام هذين اليومين مستحبّ». (2)
«مسألة: و نستحبّ صوم يوم عاشوراء و هو التاسع من المحرّم، و إن صام العاشر بعده فحسن و استدلّ علي ذلك بحديث أبي قتادة … و حديث الحكم بن الأعرج، عن ابن عبّاس، و حديث عطاء عنه». (3)
«أمّا صيام شهر محرّم فلحديث أبي هريرة عند أحمد و مسلم و أهل السنن أنّه سئل: أيّ الصيام بعد رمضان أفضل؟ فقال: شهر اللّه المحرّم، و آكده يوم عاشوراء … ». (4)
و قال أيضا: «نقل ابن عبد البرّ الاجماع علي أنّه مستحبّ و كان ابن عمر يكره قصده بالصوم». (5)
«يوم عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر المحرّم و ينبغي أن يصوم يوما قبله أو يوما بعده مخالفة لليهود». (6)
«أمّا صوم يوم عاشوراء و هو العاشر من شهر المحرّم عند الجماهير فإنّه قد كان واجبا قبل فرض رمضان ثمّ صار بعده مستحبّا». (7)
«الصوم المندوب منه صوم شهر المحرّم و أفضله يوم التاسع و
ص: 119
العاشر منه و الحنفيّة يقولون: إنّ صومها سنّة لا مندوب، و قد عرفت أنّ الشافعيّة و
ص: 120
الحنابلة يوافقون علي هذه التسمية، إذ لا فرق عندهم بين السنّة و المندوب أمّا المالكيّة فلا يوافقون للفرق عندهم بين المندوب و السنّة كما هو عند الحنفيّة». (1)
ص: 121
الكراهة بمعني قلّة الثواب، كما هو مبني السيّد اليزدي، أو بمعني الملازمة لأمر مرجوح أو المزاحمة لأمر أرجح منه، كما هو مبني السيّد الحكيم، أو غير ذلك.
و الظاهر من الطباطبائي في الرياض عدم القائل بالكراهة، من فقهائنا- أو شذوذه-، هذا و لكنّ الظاهر من المعاصرين و من قبلهم هو الكراهة، و يظهر ذلك من عدم تعليقهم علي كلام السيّد اليزدي في العروة الوثقي عند ما أفتي بالكراهة.
بل علّق بعضهم علي هذا الكلام: و ليس منه- أيّ من الصوم المكروه- صرف الامساك فيه حزنا إلي العصر.
1- قال اليزدي: و أمّا المكروه منه: بمعني قلّة الثواب ففي مواضع أيضا منها صوم عاشوراء. (1)
2- و هذا الكتاب محشّي بحواشي ثلّة من فقهاء العصر كالسيّد الحكيم و الخوئي و الشاهرودي و الگلپايگاني و الخميني و الاراكي. (2)
و مع ذلك لم يعلّق أحد منهم علي كلام السيّد اليزدي إلّا الشاهرودي قدّس سرّه حيث
ص: 122
قال: و ليس منه صرف الامساك فيه حزنا إلي العصر.
إذن رأيهم موافقا لما في العروة الوثقي، و هو القول بالكراهة.
3- قال السبزواري: امّا المكروه منه بمعني قلّة الثواب أو سائر ما قيل في توجيه العبادات المكروهة كالمزاحمة بما هو أفضل منه نحوها … صوم عاشوراء، لقول أبي جعفر عليه السّلام: أ فصوم يكون في ذلك اليوم؟ كلّا و ربّ البيت الحرام ما هو يوم صوم، و ما هو إلّا يوم حزن دخل علي أهل السماء و الأرض. و ما ورد في فضل صومه إمّا محمول علي الامساك حزنا إلي العصر لا بقصد الصوم المعهود أو علي التقيّة. (1)
4- السيّد المرعشي النجفي: يكره صوم يوم عاشوراء. (2)
أ- الأكاذيب في التوسعة و الاكتحال
ب- موقف أهل البيت عليهم السّلام من الأكاذيب
ج- كيف يجتمع النسي ء مع صوم عاشوراء
د- إصرار علي الغلط
ص: 123
ه- عاشوراء عيد الأمويين
و- معاوية يعلن عاشوراء يوم عيد
ز- الوظائف يوم عاشوراء
ص: 124
ص: 125
لقد افتعلوا أحاديث و نسبوها زورا إلي الرسول الأكرم صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في فضل عاشوراء مفادها: فضل التوسعة علي العيال في ذلك اليوم و الاكتحال و الادّهان و التطيّب فيه و التزيّن … !! و هي- كما ستعرف- روايات ضعيفة الاسناد غريبة المتون، و قد صرّح علماء العامّة بأنّها من مفتعلات جهلة أهل السنّة، و أنّها من وضع الكذّابين، كما عن العيني، و أنّ فيها من الكذب ما يقشعرّ له الجلد، كما عن ابن الجوزي، و أنّها من وضع قتلة الحسين- بني أميّة لعنهم اللّه-، كما عن الحاكم و غيره، و هذه التصريحات و الاعترافات الخطيرة تغنينا عن البحث في إسناد هذه الأباطيل فنكتفي في المقام ببعض تلك الموضوعات ثمّ بيان موقف علماء السنّة منها:
1- الشوكاني: من وسّع علي عياله يوم عاشوراء وسّع اللّه عليه سائر سنته.
رواه الطبراني؛ عن انس مرفوعا، و في إسناده: الهيصم بن شداخ، مجهول.
و رواه العقيلي؛ عن أبي هريرة، و قال: سليمان بن أبي عبد اللّه، مجهول، و الحديث
ص: 126
غير محفوظ.
و قال في اللئالي: قال الحافظ أبو الفضل العراقي في أماليه: قد ورد من حديث أبي هريرة من طرق: صحّح بعضها أبو الفضل ابن ناصر، و تعقّبه ابن الجوزي في الموضوعات و ابن تيمية في فتوي له فحكما بوضع الحديث من تلك الطريق، قال: و الحقّ ما قالاه. (1)
أي أنّ الحديث موضوع. أقول: أورد الهيثمي حديثين بهذا المضمون في أحدهما محمد بن إسماعيل الجعفري، قال فيه أبو حاتم: منكر الحديث.
و الثاني: عن ابن الشداخ، و هو ضعيف جدّا. (2)
تصريح لابن الجوزي: قال: تمذهب قوم من الجهّال بمذهب أهل السنّة فقصدوا غيظ الرافضة (3) فوضعوا أحاديث في فضل عاشوراء و نحن براء من الفريقين، و قد صحّ انّ
ص: 127
رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم أمر بصوم عاشوراء إذ قال: «إنّه كفّارة سنة»، فلم يقنعوا بذلك حتي أطالوا و أعرضوا و ترقّوا في الكذب. (1)
أقول يرد عليه:
أوّلا: قد عرفت أنّ حديث: «كفّارة سنة» ممّا لم يثبت صحّته عندهم، و لم يورده البخاري، و قالوا: لا يعرف سماع معبد من أبي قتادة، و أورده ابن عديّ في الضعفاء.
ثانيا: ثبوت الأمر بالصوم لا يلازم الاستمراريّة و عدم النسخ، فلذا كان يكرهه من هو ذو مكانة عندهم كابن عمر.
2- و عنه أيضا: انّ اللّه افترض علي بني إسرائيل صوم يوم في السنة، و هو يوم عاشوراء، و هو اليوم العاشر من المحرّم فصوموه، و وسّعوا علي أهليكم، فإنّه اليوم الّذي تاب اللّه فيه علي آدم.
قال الشوكاني: رواه ابن ناصر، عن أبي هريرة، مرفوعا، و ساق في اللئالي مطوّلا: و فيه من الكذب علي اللّه و علي رسوله ما يقشعرّ له الجلد، فلعن اللّه الكذّابين، و هو موضوع بلا شكّ. (2)
3- عبد الرّزاق، عن ابن جريج، عن رجل، عن عكرمة، قال: هو يوم تاب اللّه علي آدم يوم عاشوراء. (3)
أقول: و فيه: أوّلا إنّه مرسل لأنّه عن رجل.
ثانيا: و فيه عكرمة:
فعن ابن سيرين و يحيي بن سعيد الأنصاري: أنّه كذّاب و عن ابن أبي ذئب: أنّه غير ثقة. و عن محمد بن سعد: و ليس يحتجّ بحديثه و يتكلّم الناس فيه. و عن علي بن عبد اللّه بن عبّاس: أنّ هذا الخبيث- أي عكرمة- يكذب علي أبي.
ص: 128
و قد تجنّبه مسلم و روي له قليلا مقرونا بغيره. (1)
4- القاري: من اكتحل بالإثمد يوم عاشوراء لم يرمد أبدا.
رواه الحاكم عن ابن عبّاس مرفوعا، و في إسناده جويبر، قال الحاكم: أنا أبرأ إلي اللّه من عهدة جويبر. و قال في اللئالي: أخرجه البيهقي في الشعب، و قال: إسناده ضعيف بمرّة.
و رواه ابن النجّار في تاريخه من حديث أبي هريرة، و في إسناده إسماعيل بن معمر بن قيس.
قال في الميزان: ليس بثقة. (2)
قال القاري: و أحاديث الاكتحال و الادّهان و التطيّب فمن وضع الكذّابين.
أقول: أورد الزيلعي طرقها و فنّدها سيّما و انّ في إحدي الطرق: رواية الضحّاك عن ابن عبّاس، و هو لم يلق ابن عبّاس و لا رآه. (3)
5- ابن الجوزي: … فمن الأحاديث الّتي و ضعوا: … عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم إنّ اللّه عزّ و جلّ افترض علي بني إسرائيل صوم يوم في السنة يوم عاشوراء و هو اليوم العاشر من المحرّم، فصوموه، (4) و وسّعوا علي أهليكم، فإنّه من وسّع علي أهله من ماله يوم عاشوراء وسّع عليه سائر سنته، فصوموه، فإنّه اليوم الّذي تاب اللّه فيه علي آدم عليه السّلام، و هو اليوم الّذي رفع اللّه فيه إدريس عليه السّلام مكانا عليّا، و هو اليوم الّذي نجّي فيه إبراهيم عليه السّلام من النار، و هو اليوم الّذي أخرج فيه نوحا عليه السّلام من السفينة، و هو اليوم الّذي أنزل اللّه فيه التوراة علي موسي عليه السّلام و فدي اللّه إسماعيل عليه السّلام من الذبح، و هو اليوم الّذي أخرج اللّه يوسف عليه السّلام من السجن، و هو
ص: 129
اليوم الّذي ردّ اللّه علي يعقوب عليه السّلام بصره، و هو اليوم الذي كشف اللّه فيه عن أيّوب عليه السّلام البلاء، و هو اليوم الّذي أخرج اللّه فيه يونس عليه السّلام من بطن الحوت، و هو اليوم الّذي فلق اللّه فيه البحر لبني إسرائيل، و هو اليوم الّذي غفر اللّه لمحمد صلّي اللّه عليه و آله و سلّم ذنبه ما تقدّم و ما تأخّر، و في هذا اليوم عبر موسي عليه السّلام البحر، و في هذا اليوم أنزل اللّه تعالي التوبة علي قوم يونس عليه السّلام، فمن صام هذا اليوم كانت له كفّارة اربعين سنة.
و أوّل يوم خلق اللّه من الدنيا يوم عاشوراء … و أوّل مطر نزل من السماء يوم عاشوراء، و أوّل رحمة نزلت يوم عاشوراء، فمن صام يوم عاشوراء فكأنّما صام الدهر كلّه، و هو صوم الأنبياء … و من أحيا ليلة عاشوراء فكأنّما عبد اللّه تعالي مثل عبادة أهل السماوات السبع، و من صلّي أربع ركعات يقرأ في كلّ ركعة الحمد مرّة و خمسين مرّة قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ غفر اللّه خمسين عاما ماض، و خمسين عاما مستقبل، و بني له في الملأ الأعلي ألف ألف منبر من نور، و من سقي شربة من ماء فكأنّما لم يعص اللّه طرفة عين، (1) و من أشبع أهل بيت مساكين يوم عاشوراء مرّ علي الصراط كالبرق الخاطف، و من تصدّق بصدقة يوم عاشوراء فكأنّما لم يردّ سائلا قطّ، و من اغتسل يوم عاشوراء لم يمرض مرضا إلّا مرض الموت، و من اكتحل يوم عاشوراء لم ترمد عينه تلك السنة كلّها، و من أمرّ يده علي رأس يتيم فكأنّما برّ يتامي ولد آدم كلّهم. (2)
و من صام يوم عاشوراء اعطي ثواب ألف حاجّ و معتمر، و من صام يوم عاشوراء اعطي ثواب ألف شهيد، و من صام يوم عاشوراء كتب له أجر سبع سماوات، و فيه خلق اللّه السماوات و الأرضين و الجبال و البحار، و خلق العرش يوم عاشوراء … و خلق القلم يوم عاشوراء، و خلق اللوح يوم عاشوراء، و خلق جبرئيل عليه السّلام يوم عاشوراء، و رفع عيسي عليه السّلام يوم عاشوراء، و أعطي سليمان عليه السّلام الملك
ص: 130
يوم عاشوراء، و يوم القيامة يوم عاشوراء، و من عاد مريضا يوم عاشوراء، فكأنّما عاد مرضي ولد آدم كلّهم. (1)
قال ابن الجوزي: هذا حديث لا يشكّ عاقل في وضعه، و لقد أبدع من وضعه و كشف القناع و لم يستحيي و أتي فيه المستحيل، و هو قوله: و أوّل يوم خلق اللّه يوم عاشوراء، و هذا تغفيل من واضعه لأنّه إنّما يسمّي يوم عاشوراء إذا سبقه تسعة.
و قال فيه: خلق السماوات و الأرض و الجبال يوم عاشوراء.
و في الحديث الصحيح: أنّ اللّه تعالي خلق التربة يوم السبت، و خلق الجبال يوم الأحد.
و فيه من التحريف في مقادير الثواب الّذي لا يليق بمحاسن الشريعة … و ما أظنّه إلّا دسّ في أحاديث الثقات، و كان مع الّذي رواه نوع تغفّل و لا أحسب ذلك إلّا في المتأخّرين و إن كان يحيي بن معين قد قال في ابن أبي الزناد: ليس بشي ء و لا يحتجّ بحديثه، و اسم أبي الزناد: عبد اللّه بن ذكوان، و اسم ابنه عبد الرحمن، كان ابن مهدي لا يحدث عنه.
و قال أحمد: هو مضطرب الحديث، و قال أبو حاتم الرازي: لا يحتجّ به، فلعلّ بعض أهل الهوي قد أدخله في حديثه. (2)
… و لم تثبت هذه الأعمال من الأحاديث الصحيحة فإنّ الأحاديث المنقولة موضوعات … و اعلم أنّ الفقهاء و العباد يلتزمون الصلاة و الأدعية في هذا اليوم، و يذكرون فيها الأحاديث، و لم يثبت شي ء منها عند أهل الحديث غير الصوم و توسيع الطعام …
ص: 131
أقول: و قد مرّ الكلام في أحاديث التوسعة علي العيال و الصيام في عاشوراء.
الهيثمي: روي الطبراني: و في رجب حمل اللّه نوحا عليه السّلام في السفينة فجرت بهم السفينة سبعة أشهر، آخر ذلك يوم عاشوراء. قال الهيثمي: فيه عبد الغفور، و هو متروك. (1)
3- ابن الجوزي: … حدّثنا حبيب بن أبي حبيب، عن إبراهيم الصائغ، عن ميمون بن مهران، عن ابن عبّاس، قال: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: من صام يوم عاشوراء كتب اللّه له عبادة ستّين سنة بصيامها و قيامها، و من صام يوم عاشوراء اعطي ثواب عشرة آلاف ملك، و من صام يوم عاشوراء اعطي ثواب ألف حاجّ و معتمر، و من صام يوم عاشوراء أعطي ثواب عشرة آلاف شهيد، و من صام يوم عاشوراء كتب اللّه له أجر سبع سموات.
و من أفطر عنده مؤمن في يوم عاشوراء فكأنّما أفطر عنده جميع أمّة محمّد، و من أشبع جائعا في يوم عاشوراء فكأنّما أطعم جميع فقراء أمّة محمد و أشبع بطونهم، و من مسح علي رأس يتيم رفعت له بكلّ شعرة علي رأسه في الجنّة درجة.
قال: فقال عمر: يا رسول اللّه، لقد فضّلنا اللّه عزّ و جلّ بيوم عاشوراء؟ قال: نعم خلق اللّه عزّ و جلّ يوم عاشوراء و الأرض كمثله، و خلق الجبال يوم عاشوراء، و النجوم كمثله، و خلق القلم يوم عاشوراء، و اللوح كمثله، و خلق جبرئيل يوم عاشوراء و ملائكته يوم عاشوراء، و خلق آدم يوم عاشوراء، و ولد إبراهيم يوم عاشوراء، و نجّاه اللّه من النار يوم عاشوراء، و رفع إدريس يوم عاشوراء و ولد في يوم عاشوراء، و تاب اللّه علي آدم في يوم عاشوراء، و غفر ذنب داود في يوم عاشوراء، و أعطي اللّه الملك لسليمان يوم عاشوراء، و ولد النبيّ في يوم عاشوراء … و استوي الربّ عزّ و جلّ علي العرش يوم عاشوراء، و يوم القيامة يوم عاشوراء. (2)
ص: 132
1- قال ابن الجوزي: هذا حديث موضوع بلا شكّ، و قال أحمد بن حنبل: كان حبيب بن أبي حبيب يكذّب، و قال ابن عديّ: كان يضع الحديث، و في الرواة من يدخل بين حبيب و بين إبراهيم إبله.
قال أبو حاتم ابن حبان: هذا حديث باطل لا أصل له قال: و كان حبيب من أهل مرو يضع الحديث علي الثقات لا يحلّ كتب حديثه إلّا علي سبيل القدح فيه. (1)
أقول: و عن أبي داود: كان من أكذب الناس، و عن الرازي و الأزدي: متروك الحديث، و عن ابن عديّ: أحاديثه كلّها موضوعة، عن مالك و غيره، و ذكر له عدّة أحاديث، ثمّ قال: و هذه الأحاديث مع غيرها ممّا روي حبيب، عن هشام بن سعد كلّها موضوعة و عامّة، حديث حبيب موضوع المتن، مقلوب الاسناد، و لا يحتشم في وضع الحديث علي الثقات و أمره بيّن في الكذب. (2)
2- و قال القاري: و منها- أي من الموضوعات- الاكتحال يوم عاشوراء، و التزيّن، و التوسعة، و الصلاة فيه، و غير ذلك من فضائل لا يصحّ منها شي ء، و لا حديث واحد، و لا يثبت عن النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فيه شي ء غير أحاديث صيامه، (3) و ما عداها فباطل، و أمثل ما فيها حديث: «و من وسّع علي عياله يوم عاشوراء وسّع اللّه عليه سائر سنته» قال الامام أحمد: لا يصحّ هذا الحديث، و فيه أيضا: من اكتحل … رواه البيهقي عن ابن عبّاس … (4)
قال: من وسّع علي عياله في يوم عاشوراء. قال الزركشي: لا يثبت إنّما هو من كلام محمد بن المنتشر. (5)
ص: 133
و قال: من صام يوم عاشوراء كتب اللّه له عبادة ستّين سنة، فهذا باطل يرويه حبيب بن أبي حبيب، عن إبراهيم الصانع، عن ميمون بن مهران، عن ابن عبّاس. و حبيب هذا غير حبيب- أي مرغوب عنه- و ليس بجيّد، كان يضع الأحاديث. (1)
3- و قال زين الدين الحنفي: أمّا التوسعة فيه علي العيال … قد روي من وجوه متعدّدة لا يصحّ فيها شي ء … و ممّن قال ذلك: محمد بن عبد اللّه بن عبد الحكم، و قال العقيلي: هو غير محفوظ. و قد روي عن عمر من قوله، و في إسناده مجهول لا يعرف. (2)
4- و قال العيني: ما ورد في صلاة ليلة عاشوراء و يوم عاشوراء و في فضل الكحل يوم عاشوراء لا يصحّ، و من ذلك: من اكتحل بالإثمد و هو حديث موضوع وضعه قتلة الحسين. و قال أحمد: و الاكتحال يوم عاشوراء لم يرو عن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فيه أثر، و هو بدعة. (3)
5- و قال الشيخ يوسف القرضاوي:
رأينا رعايا اكثر بلاد المسلمين يحتفلون بيوم عاشوراء، يذبحون الذبائح، و يعتبرونه عيدا أو موسما، يوسّعون فيه علي الأهل و العيال اعتمادا علي حديث ضعيف، بل موضوع في رأي ابن تيميّة و غيره، و هو الحديث المشهور علي الألسنة: «من أوسع علي عياله و أهله يوم عاشوراء أوسع اللّه عليه سائر سنته».
قال المنذري: رواه البيهقي و غيره من طرق، عن جماعة من الصحابة، و قال البيهقي: هذه الأسانيد و إن كانت ضعيفة فهي إذا ضمّ بعضها إلي بعض أخذت قوّة.
قال القرضاوي: و في هذا القبول نظر، و قد جزم ابن الجوزي و ابن تيمية في
ص: 134
منهاج السنّة و غيرهما انّ الحديث موضوع. و حاول الطبراني و غيره الدفاع عنه و إثبات حسنه لغيره! و كثير من المتأخّرين يعزّ عليهم أن يحكموا بالوضع علي حديث، و الّذي يترجّح لي انّ الحديث ممّا وضعه بعض الجهّال من أهل السنّة في الردّ علي مبالغات الشيعة في جعل يوم عاشوراء يوم حزن و حداد فجعله هؤلاء يوم اكتحال و اغتسال و توسعة علي العيال. (1)
لقد عارض الأئمّة عليهم السّلام هذه المؤامرة الأمويّة الخبيثة و تخطيطها الشيطاني بشأن إعلان يوم عاشوراء عيدا فتصدّوا لهذا التيّار الظالم و البدعة القبيحة بكلّ ما لديهم من طاقة.
فتراهم يعلنون بمل ء الفم بترك السعي للحوائج يوم عاشوراء، و الاضراب عن العمل و جعل هذا اليوم يوم حزن و بكاء، و تقبيح من يعدّه يوم بركة، و الدعاء عليه بحشره يوم القيامة مع المبتدعين لهذه البدعة الشيطانيّة، و هم بنو أميّة و أذنابهم، فالأوامر الصادرة من الأئمّة بشأن الحداد في يوم عاشوراء من البكاء و أمر أعضاء الاسرة بالبكاء و التلاقي بالبكاء … أوامر مؤكّدة يضمن الامام لمنفّذها الجنّة، فالأئمّة يشجبون مزاعم البركة في ادّخار قوت السنة في يوم عاشوراء خلافا لما يذيعه و يشيعه الأمويّون حيث يرون البركة في شراء قوت السنة، فالأئمّة عليهم السّلام يكشفون الستار عن مؤامرة الشجرة الملعونة و وعّاظهم في جعل يوم شهادة الحسين عليه السّلام يوم عيد و بركة لدفن القضيّة و صرف الأذهان عن الفاجعة الكبري بشأن سيّد شباب أهل الجنّة رجاء أن يعدل الرأي العامّ من الاستنكار و الشجب إلي الاستعداد للعيد و
ص: 135
التبرّك به، و العدول عن البكاء و الحداد و الحزن إلي الفرح و السرور سوّد اللّه وجوههم- بني اميّة- كما اسودّت قلوبهم.
من ترك السعي في حوائجه يوم عاشوراء قضي اللّه له حوائج الدنيا و الآخرة، و من كان يوم عاشوراء يوم مصيبته و حزنه و بكائه جعل اللّه يوم القيامة يوم فرحه و سروره، و قرّت بنا في الجنّة عينه، و من سمّي يوم عاشوراء يوم بركة و ادّخر لمنزله فيه شيئا لم يبارك له فيما ادّخر، و حشر يوم القيامة مع يزيد و عبيد اللّه بن زياد و عمر بن سعد لعنهم اللّه في أسفل درك من النّار. (1)
عن محمد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن أبيه، عن علقمة، عن أبي جعفر عليه السّلام في حديث زيارة الحسين عليه السّلام يوم عاشوراء من قرب و بعد، قال: ثمّ ليندب الحسين و يبكيه و يأمر من في داره ممّن لا يتّقيه بالبكاء عليه، و يق
قلت: أنت الضامن لهم ذلك و الزعيم؟
قال: أنا الضامن و الزعيم لمن فعل ذلك.
قلت: و كيف يعزّي بعضنا بعضا؟
قال يقولون: أعظم اللّه اجورنا و اجوركم بمصابنا بالحسين عليه السّلام، و جعلنا و إيّاكم من الطالبين بثأره مع وليّه الامام المهدي من آل محمد، و إن استطعت أن لا تنتشر يومك في حاجة فافعل فإنّه يوم نحس لا تقضي فيه حاجة مؤمن، و إن قضيت لم يبارك له فيها و لم ير فيها رشدا، و لا يدّخرنّ أحدكم لمنزله فيه شيئا فمن ادّخر في
ص: 136
ذلك اليوم شيئا لم يبارك له فيما ادّخر، و لم يبارك له في أهله فإذا فعلوا ذلك كتب اللّه لهم ثواب ألف حجّة و ألف عمرة و ألف غزوة كلّها مع رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و كان له أجر و ثواب كلّ نبيّ و رسول و وصيّ و صدّيق و شهيد مات أو قتل منذ خلق اللّه الدنيا إلي أن تقوم الساعة. (1)
الصدوق: حدّثنا الحسين بن إدريس، قال: حدّثنا أبي، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن نصر بن مزاحم، عن عمرو بن سعيد، عن ارطاة بن حبيب، عن فضيل الرسّان.
، قالت: سمعت ميثم التمّار قدّس اللّه روحه يقول:
و اللّه لتقتل هذه الامّة ابن نبيّها في المحرّم لعشر يمضين منه، و ليتّخذّن أعداء اللّه ذلك اليوم يوم بركة، و انّ ذلك لكائن قد سبق في علم اللّه تعالي ذكره. أعلم ذلك بعهد عهده إليّ مولاي أمير المؤمنين عليه السّلام. و لقد أخبرني انّه يبكي عليه كلّ شي ء حتي الوحوش في الفلوات، و الحيتان في البحر، و الطير في السماء، و يبكي عليه الشمس و القمر و النجوم و السماء و الأرض و مؤمنو الإنس و الجنّ و جميع ملائكة السماوات و الأرضين و رضوان و مالك و حملة العرش، و تمطر السماء دما و رمادا، ثمّ قال: و جبت لعنة اللّه علي قتلة الحسين عليه السّلام كما وجبت علي المشركين الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ، و كما وجبت علي اليهود و النصاري و المجوس.
قالت جبلة: فقلت له: يا ميثم! فكيف يتّخذ الناس ذلك اليوم الّذي قتل فيه الحسين يوم بركة؟
فبكي ميثم رضي اللّه عنه ثمّ قال: يزعمون لحديث يضعونه أنّه اليوم الّذي تاب اللّه فيه علي آدم و إنّما تاب اللّه علي آدم في ذي الحجّة، و يزعمون أنّه اليوم الّذي قبل اللّه فيه توبة داود و إنّما قبل اللّه عزّ و جلّ توبته في ذي الحجّة، و يزعمون أنّه اليوم الّذي خرج اللّه
ص: 137
فيه يونس من بطن الحوت و إنّما أخرج اللّه عزّ و جلّ يونس من بطن الحوت في ذي الحجّة، و يزعمون أنّه اليوم الّذي استوت فيه سفينة نوح علي الجوديّ و إنّما اسْتَوَتْ عَلَي الْجُودِيِّ في يوم الثامن عشر من ذي الحجّة، و يزعمون أنّه اليوم الّذي فلق اللّه عزّ و جلّ فيه البحر لبني إسرائيل و إنّما كان ذلك في ربيع الأوّل، ثمّ قال ميثم:
يا جبلة اعلمي أنّ الحسين بن علي سيّد الشهداء يوم القيامة و لأصحابه علي سائر الشهداء درجة.
يا جبلة: إذا نظرت السماء (1) حمراء كأنّها دم فاعلمي أنّ سيّد الشهداء الحسين عليه السّلام قتل.
قالت جبلة: فخرجت ذات يوم فرأيت الشمس علي الحيطان كأنّها الملاحف المعصفرة فصحت حينئذ و بكيت و قلت: قد و اللّه قتل سيّدنا الحسين بن علي عليه السّلام. (2)
4- من دعاء في قنوت صلاة علّم به الامام الصادق عليه السّلام عبد اللّه بن سنان يقرأه يوم عاشوراء، اللّهمّ و أهلك من جعل قتل أهل بيت نبيّك عيدا و استهلّ فرحا و سرورا و خذ آخرهم بما أخذت به أوّلهم، اللّهمّ أضعف البلاء و العذاب و التنكيل علي الظالمين من الأوّلين و الآخرين و علي ظالمي آل بيت نبيّك صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و زدهم نكالا و لعنة، و أهلك شيعتهم و قادتهم و جماعتهم. (3)
يا زرارة إنّ السماء بكت علي الحسين أربعين صباحا بالدم، و إنّ الأرض بكت أربعين صباحا بالسواد، و إنّ الشمس بكت أربعين صباحا بالكسوف و الحمرة، و إنّ الجبال تقطّعت و انتثرت، و إنّ البحار تفجّرت، و إنّ الملائكة بكت
ص: 138
في عبرة بعده … (1)
حدّثنا أبو الفرج المظفّر بن أحمد القزويني، قال: حدّثنا محمد بن جعفر الكوفي الأسدي، قال: حدّثنا سهل بن زياد الآدمي، قال: حدّثنا سليمان بن عبد اللّه الخزّاز الكوفي، قال: حدّثنا عبد اللّه بن الفض
فقال: إنّ يوم الحسين عليه السّلام أعظم مصيبة من جميع سائر الأيّام، و ذلك انّ أصحاب الكساء الّذي كانوا أكرم الخلق علي اللّه تعالي كانوا خمسة، فلمّا مضي عنهم النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم بقي أمير المؤمنين و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السّلام فكان فيهم للناس عزاء و سلوة، فلمّا مضت فاطمة عليها السّلام كان في أمير المؤمنين عليه السّلام و الحسن عليه السّلام و الحسين عليه السّلام عزاء و سلوة، فلمّا مضي منهم امير المؤمنين عليه السّلام كان للناس في الحسن عليه السّلام و الحسين عليه السّلام عزاء و سلوة، فلمّا مضي الحسن عليه السّلام كان للناس في الحسين عليه السّلام عزاء و سلوة، فلمّا قتل الحسين عليه السّلام لم يكن بقي من أهل الكساء أحد للناس فيه بعده عزاء و سلوة، فكان ذهابه كذهاب جميعهم كما كان بقاؤه كبقاء جميعهم، فلذلك صار يومه أعظم مصيبة.
قال عبد اللّه بن الفضل الهاشمي: فقلت له يا بن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فلم لم يكن للناس في علي بن الحسين عزاء و سلوة مثل ما كان لهم في آبائه عليهم السّلام؟
فقال: بلي، إنّ علي بن الحسين كان سيّد العابدين عليه السّلام، و إماما و حجّة علي الخلق بعد آبائه الماضين، و لكنّه لم يلق رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و لم يسمع منه، و كان علمه وراثة عن أبيه، عن جدّه، عن النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و كان أمير المؤمنين و فاطمة و الحسن و
ص: 139
الحسين عليهم السّلام قد شاهدهم الناس مع رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في أحوال في آن يتوالي فكانوا متي نظروا إلي أحد منهم تذكروا حاله مع رسول اللّه و قول رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم له و فيه، فلمّا مضوا فقد الناس مشاهدة الأكرمين علي اللّه عزّ و جلّ و لم يكن في أحد منهم فقد جميعهم إلّا في فقد الحسين عليه السّلام لأنّه مضي آخرهم فلذلك صار يومه أعظم الأيّام مصيبة.
قال عبد اللّه بن الفضل الهاشمي: فقلت له يا بن رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم فكيف سمّت العامّة يوم عاشوراء يوم بركة؟
فبكي، ثم قال: لمّا قتل الحسين عليه السّلام تقرّب الناس بالشام إلي يزيد فوضعوا له الأخبار و أخذوا عليه الجوائز من الأموال، فكان ممّا وضعوا له أمر هذا اليوم، و انّه يوم بركة ليعدل الناس فيه من الجزع و البكاء و المصيبة و الحزن إلي الفرح و السرور و التبرّك و الاستعداد فيه حكم اللّه بيننا و بينهم. (1)
أقول: و لهذه الرواية أمارات و شواهد علي الصدق أعمّ من القرائن الخارجيّة و الداخليّة؛ كقوّة المتن، فلا مجال لردّها بجهالة عبد اللّه بن الفضل الهاشمي، و إنّ النمازي قال: إنّه ظفر علي مدحه و جلالته (2) معتمدا علي حديث عن الصادق عليه السّلام قائلا له:
و لو شئت لأريتك اسمك في صحيفتنا، قال: وجدت في أسفلها اسمي (3) لكنّ فيه تأمّل، من حيث إنّه لا يمكن الاستدلال علي وثاقة شخص برواية نفسه عن الامام، إذ يستلزم الدور الواضح، بل قد يثير سوء الظنّ به كما قاله الامام الخميني رحمه اللّه:
إذا كان ناقل الوثاقة هو نفس الراوي فإنّ ذلك يثير سوء الظنّ به حيث قام بنقل مدائحه و فضائله في الملأ الاسلامي. (4)
و عن السيّد الخوئي: لا يمكن إثبات وثاقة شخص برواية نفسه، (5) هذا و لكنّ
ص: 140
التستري اعتمد علي هذه الرواية أيضا في اثبات جلالته، حيث قال:
ثمّ يشهد لاتّحاده و جلاله رواية الاختصاص … أضف إلي ذلك انّ التستري يراه متّحدا مع عبد اللّه بن الفضل بن عبد اللّه بن نوفل النوفلي- الّذي هو ثقة-. (1)
و استظهر ذلك أيضا الحائري. (2)
إنّ الجاهليّة كانت تؤخّر المحرّم إلي صفر تارة يجعلون صفرا مع ذي القعدة محرّما تحرّجا من توالي ثلاثة أشهر محرّمة. و لا يهمّنا انّ المنادي- بذلك كما يأتي- من هو؟
هل هم قوم من بني فقيم او من بني كنانة رجل منهم يقال له نعيم بن ثعلبة، بل المهمّ هو انّه «لم يتحقّق توافق بين اسم الشهر و نفسه إلّا في كلّ اثنتي عشرة سنة مرّة إن كان التأخير علي نظام محفوظ و ذلك علي نحو الدوران. (3)
و إن كان بمعني إنساء حرمة المحرّم إلي صفر ثمّ إعادتها مكانها في العام المقبل كما هو المعروف و المشهور في تفسير النسي ء فيكون المعني أنّ صفر هو المحرّم عندهم، و أنّ الصوم في العاشر من صفر كان هو المتداول عند الجاهليّة، و عليه كيف يجتمع مع دعوي أنّ قريش كانت تصوم يوم عاشوراء و النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم أيضا كان يصومه؟
قال العلّامة الطباطبائي: ثمّ إنّهم- أي العرب- ربّما كانوا يتحرّجون من القعود عن الحروب و الغارات ثلاثة أشهر متواليات فسألوا بعض بني كنانة أن يحلّ لهم ثالث
ص: 141
الشهور الثلاثة، فقام فيهم بعض أيّام الحجّ بمني و أحلّ لهم المحرّم و نسأ حرمته إلي صفر، فذهبوا لوجههم عامهم ذلك يقاتلون العدوّ، ثمّ ردّ الحرمة إلي مكانه في قابل، و هذا هو النسي ء.
و أضاف الطباطبائي قائلا: و كان يسمّي المحرّم صفر الأوّل، و صفر صفر الثاني، فلمّا أقرّ الإسلام الحرمة لصفر الأوّل عبّروا عنه بشهر اللّه المحرّم، ثمّ لمّا كثر الاستعمال خفّف و قيل: المحرّم، و اختصّ اسم صفر بصفر الثاني، فالمحرّم من الألفاظ الاسلاميّة، كما ذكره السيوطي في المزهر. (1)
أقول: و عليه فلم يتحقّق موضوع لمحرّم بالمعني الاسلامي في الجاهليّة، و إنّ صومهم في الجاهليّة عاشوراء من المحرّم لم يكن بالمعني المعروف المشهور عندنا.
أخرج عبد الرّزاق … عن مجاهد في قوله: إنّما النسي ء زيادة في الكفر، قال:
فرض اللّه الحجّ في ذي الحجّة، و كان المشركون يسمّون الأشهر ذا الحجّة و المحرّم و صفر و ربيع و ربيع و جمادي و جمادي و شعبان و رمضان و شوّال و ذو القعدة و ذو الحجّة، ثمّ يحجّون فيه، ثمّ يسكتون عن المحرّم فلا يذكرونه، ثمّ يعودون فيسمّون صفر صفر، ثمّ يسمّون رجب جمادي الآخرة، ثمّ يسمّون شعبان رمضان و رمضان شوّال، و يسمّون ذا القعدة شوّال، ثمّ يسمّون ذا الحجّة ذا القعدة، ثمّ يسمّون المحرّم ذا الحجّة، ثمّ يحجّون فيه و اسمه عندهم ذو الحجّة.
ثمّ عادوا إلي مثل هذه القصّة فكانوا يحجّون في كلّ شهر عاما حتي وافق حجّة أبي بكر الآخرة من العام في ذي القعدة، ثمّ حجّ النبيّ حجته الّتي حجّ فيها فوافق
ذو الحجّة فذلك حين يقول في خطبته: إنّ الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق اللّه
ص: 142
السماوات و الأرض.
قال الطباطبائي: و محصّله علي ما فيه من التشويش و الاضطراب انّ العرب كانت قبل الإسلام تحجّ البيت في ذي الحجّة غير أنّهم أرادوا أن يحجّوا كلّ عام في شهر فكانوا يدورون بالحجّ الشهور شهرا بعد شهر و كل شهر وصلت إليه النوبة عامهم ذلك سمّوه ذا الحجّة و سكتوا عن اسمه الأصلي، و لازم ذلك أن يتألف كلّ سنة فيها حجّة من ثلاثة عشر شهرا، و أن يتكرّر اسم بعض الشهور مرّتين أو أزيد كما يشعر به الرواية، و لذا ذكر الطبري أنّ العرب كانت تجعل السنة ثلاثة عشر شهرا، و في رواية: اثني عشر شهرا و خمسة و عشرين يوما، و لازم ذلك أيضا انّ تغيير أسماء الشهور كلّها و ان لا يواطئ اسم الشهر نفس الشهر إلّا في كلّ اثنتي عشرة سنة مرة إن كان التأخير علي نظام محفوظ، و ذلك علي نحو الدوران. و مثل هذا لا يقال له الإنساء و التأخير، فإن أخذ السنة ثلاثة عشر شهرا و تسمية آخرها ذا الحجّة تغيير لأصل التركيب لا تأخير لبعض الشهور بحسب الحقيقة.
فالحقّ انّ النسي ء هو ما تقدّم أنّهم كانوا يتحرّجون من توالي شهور ثلاثة محرّمة فينسؤن حرمة المحرّم إلي صفر ثمّ يعيدونها مكانها في العام المقبل … (1)
قال المحدّث القمّي: و ممّا لا ينقضي منه العجب كلام الشيخ عبد القادر الجيلاني في محكيّ كتابه غنية الطالبين و لا بأس بذكره، قال: و قد طعن قوم علي صيام هذا اليوم العظيم و ما ورد فيه من التعظيم و زعموا أنّه لا يجوز صيامه لأجل قتل الحسين بن علي عليهما السّلام فيه و قالوا: ينبغي أن تكون المصيبة فيه عامة علي جميع الناس لفقده و أنتم تأخذونه يوم فرح و سرور، و تأمرون فيه بالتوسعة علي العيال و النفقة الكثيرة و
ص: 143
الصدقة علي الضعفاء و المساكين، و ليس هذا من حقّ الحسين علي جماعة المسلمين.
و هذا القائل خاطئ و مذهبه قبيح فاسد، لأنّ اللّه اختار لسبط نبيّه الشهادة في أشرف الأيّام و أعظمها و أجلّها و أرفعها عنده ليزيده بذلك رفعة في درجاته و كرامة مضافة إلي كراماته و يبلغه منازل الخلفاء الراشدين الشهداء بالشهادة، و لو جاز أن يتّخذ يوم موته مصيبة لكان يوم الاثنين أولي بذلك إذ قبض اللّه فيه نبيّه … (1)
و قد اتّفق الناس علي شرف يوم الاثنين و فضيلة صومه، و انّه تعرض فيه و في يوم الخميس أعمال العباد، و كذلك عاشوراء لا يتّخذ يوم مصيبة، (2) و لأنّ يوم عاشوراء أن يتّخذ يوم مصيبة ليس بأولي من أن يتّخذ يوم عيد و فرح و سرور لما قدّمنا ذكره و فضله من انّه يوم أنجي اللّه فيه أنبياءه من أعداءهم، و أهلك فيه أعداءهم الكفّار من فرعون و قومه و غيرهم، و انّه خلق السماوات و الأرض و الأشياء الشريفة و آدم و غير ذلك، و ما أعدّ اللّه لمن صامه من الثواب الجزيل و العطاء الوافر، و تكفير الذنوب و تمحيص السيّئات، فصار عاشوراء مثل بقيّة الأيّام الشريفة كالعيدين و الجمعة و عرفة و غيرها.
ثمّ لو جاز أن يتّخذ هذا اليوم يوم مصيبة لاتّخذته الصحابة و التابعون لأنّهم أقرب إليه منّا و أخصّ به. (3)
أقول: أنّ الجيلاني يصرّ علي تأكّد التوسعة و النفقة علي العيال و الصدقة في يوم عاشوراء، و انّه يوم عيد و بركة إذ فيه: أنجي اللّه انبياءه فكأنّه لم يهتد إلي قول ابن الجوزي حيث قال: هذا حديث لا يشكّ عاقل في وضعه، و لقد أبدع من وضعه و كشف القناع و لم يستحيي … (4)
ص: 144
و لا إلي قول العيني: و هو حديث موضوع وضعه قتلة الحسين. (1)
و لا إلي قول القاري و لا الشوكاني. فتراه يلهج و يردّد الأباطيل في فضل عاشوراء و هو غافل عن كلام مهرة الفنّ و موقفهم من هذه المنقولات: تمذهب قوم من الجهّال بمذهب أهل السنّة فوضعوا هذه الأحاديث … (2)
و منقولات التوسعة علي العيال مجهولة أو ضعيفة جدّا، و روايات نجاة الأنبياء في يوم عاشوراء فهي من المراسيل و تنتهي إلي عكرمة الخبيث الّذي كان يكذب علي ابن عبّاس- علي ما صرّح به علي بن عبد اللّه بن عبّاس-. (3)
و كأنّ الجيلاني لم يتفقّه هذه المعاني، و لا ارشد إلي هذه التقارير من أرباب الفنّ، فتراه يصرّ علي أشرفيّة أيّام عاشوراء و رفعتها علي جميع ما سواها. و كأنّه غفل عن أفضليّة شهر رمضان و أيامّها و لياليها علي سائر ما سواها، و كذلك أفضليّة عرفة كما لعلّه غفل أو تغافل عن أنّ الاعلان بالعيد يوم عاشوراء من مبتدعات تلك الشجرة الملعونة و الخبيثة كما سيأتي الكلام حوله.
و للأسف انّه ينسب كذبا و زورا إلي الشيعة الاثني عشريّة بأنّهم يحرّمون الصوم في عاشوراء لأجل قتل الحسين.
و هذا غريب ممّن يدّعي الفضل و الفهم و لا علم له لا بكتب السنّة و لا بمباني الاماميّة و آرائهم.
إذ أيّ فقيه إمامي يقول بأنّ الحرمة لأجل قتل الحسين عليه السّلام!!
أ ليس القول المشهور عند الطائفة- أعلي اللّه كلمتهم- هو الاستحباب، لكن علي سبيل الحزن؟!
ثمّ إنّ القائل بالحرمة منّا من المتأخّرين و المعاصرين لا يعلّل بما نسبه الجيلاني
ص: 145
إلينا، بل يقول: إنّ الصيام في هذا اليوم و دعوي البركة فيه إنّما هو من بدع الأمويّين، فإنّهم هم الّذين صاموا بقصد الشكر للّه علي قتل الحسين قرّة عين الرسول و سيّد شباب أهل الجنّة، فالصوم فيه بهذا القصد و بقصد التبرّك صوم أمويّ و أجر الصائم فيه علي يزيد بن معاوية و علي ابن مرجانة الدعيّ ابن الدعيّ و سائر قتلة الحسين عليهم آلاف اللعنة و العذاب الأليم، و إنّ حظّ الصائم فيه بهذا القصد هو حظّ المبتدعين له و هو النار إن شاء اللّه.
أقول: يكفي الجيلاني قول الذهبي فيه: الشيخ عبد القادر … عليه مأخذ في بعض أقواله و دعاويه و اللّه الموعد!؟ (1)
أمّا قوله: لاتّخذه الصحابة و التابعون:
لقد تعرّضنا للروايات الّتي مفادها أنّ أهل البيت عليهم السّلام اتّخذوا هذا اليوم يوم حزن و حداد و أمروا المسلمين باتّخاذه يوم عزاء و بكاء … كما أورد الحموي (2) و الطريحي (3) روايات في هذا المجال، فليراجع.
يعرف من خلال التواريخ و من خلال تصريحات المؤرّخين أنّ الاحتفال بيوم عاشوراء كعيد و يوم فرح و سرور إنّما هو من بدع أجلاف بني أميّة و عملائهم و أذنابهم كالحجّاج بن يوسف و ملوك بني أيّوب، كما ورد التصريح بذلك في الخطط للمقريزي و الآثار الباقية لأبي ريحان البيروني، حيث صرّح بأنّ بني أميّة لبسوا فيه الجديد، و تزيّنوا و اكتحلوا و عيّدوا … و جرت هذه المراسم أيّام ملكهم … و بقيت آثارها إلي يومنا هذا في بعض البلاد الاسلاميّة، و أضاف البعض: إنّ بني اميّة اتّخذوا
ص: 146
اليوم الأوّل من صفر عيدا لهم حيث أدخلت فيه رأس الحسين عليه السّلام. (1)
و كانوا يعظّمون هذا اليوم- أيّ يوم عاشوراء- إلي أن اتّفق فيه قتل الحسين بن علي بن أبي طالب و أصحابه و فعل به و بهم ما لم يفعل في جميع الامم بأشرار الخلق من القتل بالعطش و السيف و الاحراق و صلب الرؤوس و إجراء الخيول علي الأجساد فتشاءموا به، فأمّا بنو اميّة فقد لبسوا فيه ما تجدّد و تزيّنوا و اكتحلوا و عيّدوا، و أقاموا الولائم و الضيافات، و أطعموا الحلاوات و الطيّبات، و جري الرسم في العامّة علي ذلك أيّام ملكهم و بقي فيهم بعد زواله عنهم.
و أمّا الشيعة فإنّهم ينوحون و يبكون أسفا لقتل سيّد الشهداء فيه، و يظهرون ذلك بمدينة السلام و أمثالها من المدن و البلاد، و يزورون فيه التربة المسعودة بكربلاء، و لذلك كره فيه العامّة تجديد الأواني و الأثاث. (2)
إنّه لمّا كانت الخلفاء الفاطميّون بمصر كانت تتعطّل الأسواق في ذلك اليوم- عاشوراء-، و يعمل فيه السماط (3) العظيم المسمّي سماط الحزن، و ينحرون الإبل، و ظلّ الفاطميّون يجرون علي ذلك كلّ أيّامهم فلمّا زالت الدولة الفاطميّة اتّخذ الملوك من بني أيوب يوم عاشوراء يوم سرور يوسّعون فيه علي عيالهم، و يتبسّطون في المطاعم، و يتّخذون الأواني الجديدة، و يكتحلون و يدخلون الحمّام جريا علي عادة أهل الشام الّتي سنّها لهم الحجّاج (4) في أيّام عبد الملك بن
ص: 147
مروان ليرغموا بذلك آناف شيعة علي بن أبي طالب كرّم اللّه وجهه الّذين يتّخذون يوم عاشوراء يوم عزاء و حزن علي الحسين بن علي عليه السّلام لأنّه قتل فيه، قال: و قد أدركنا بقايا ممّا عمله بنو اميّة من اتّخاذ عاشوراء يوم سرور و تبسّط. (1)
لا زال يوم عاشوراء في تونس و مراكش و ليبيا يوم سرور، و تقام فيها مراسم خاصّة، و يقوم الناس فيه بزيارة القبور و جعل الورود عليها، و يجعلون أطواقا من النيران فيقفزون عليها، ثمّ يرمونها في الأنهار، و عادات اخري ورثوها من البربر. (2)
إذن المتبادر من المقريزي و غيره انّ بدعة العيد و الاكتحال و التزيّن و مراسم الفرح و السرور بدعة خبيثة من شجرة خبيثة أمويّة، كان الحجّاج يصرّ علي إقامتها تأسّيا بأسياده الأمويّين، و الحجّاج هذا هو الّذي كان يأسف لعدم حضوره كربلاء ليكون هو المتولّي لسفك دم سيّد شباب أهل الجنّة الحسين بن علي عليه السّلام. أمّا بعض العادات الّتي ذكرها المصاحب و نوردها عن الكراجكي أيضا فهي عادات متّخذة من البربر ادخلها أجلاف بني أميّة في يوم عاشوراء ليكتمل بها سرورهم و يكون شاهدا واضحا علي الجذور الّتي ينتمون إليها.
و من عجيب أمرهم: دعواهم محبّة أهل البيت عليهم السّلام مع ما يفعلون يوم المصاب بالحسين عليه السّلام من المواظبة علي البرّ و الصدقة، و المحافظة علي البذل و النفقة، و التبرّك بشراء ملح السنة، و التفاخر بالملابس المنتخبة، و المظاهرة بتطيّب الأبدان، و المجاهرة بمصافحة الإخوان، و التوفّر علي المزاورة و الدعوات، و الشكر من أسباب الأفراح و المسرّات، و اعتذارهم في ذلك بأنّه يوم ليس كالأيّام، و إنّه مخصوص بالمناقب العظام، و يدّعون أنّ اللّه عزّ و جلّ تاب فيه علي آدم.
ص: 148
فكيف وجب أن يقضي فيه حقّ آدم فيتّخذ عيدا، و لم يجز أن يقضي حقّ سيّد الأوّلين و الآخرين محمد خاتم النبيّين صلّي اللّه عليه و آله و سلّم في مصابه بسبطه و ولده، و ريحانته و قرّة عينه، و بأهله الّذين اصيبوا و حريمه الّذين سبوا و هتكوا، فتجهد فيه حزنا و وجدا، و يبالغ عملا و كدّا، لو لا البغضة للذرّيّة الّتي يتوارثها الأبناء عن الآباء. (1)
و قد روي أنّ يوم عاشوراء كان يوم الزينة الّذي كان فيه ميعاد موسي لفرعون، و أنّه كان عيدا لهم، و يروي أنّ موسي عليه السّلام كان يلبس فيه الكتّان و يكتحل فيه بالإثمد، و كانت اليهود من أهل المدينة و خيبر في عهد رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم يتّخذونه عيدا، و كان أهل الجاهليّة يقتدون بهم في ذلك، و كانوا يسترون فيه الكعبة، و لكنّ شرعنا ورد بخلاف ذلك؛ ففي الصحيحين عن أبي موسي قال: كان يوم عاشوراء يوما تعظّمه اليهود و تتخذه عيدا، فقال: صوموه انتم. و في رواية لمسلم: كان أهل خيبر يصومون يوم عاشوراء، يتّخذونه عيدا، و يلبسون نساءهم فيه حليتهم و شارتهم، فقال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: فصوموه أنتم. (2)
كتب ماكيافيللي كتابا أسماه «الأمير» اقتبسه من واقع الحياة السياسيّة و جاء فيه ممّا اقتبسه من واقع حياتهم السياسيّة منطق: «الغاية تبرّر الواسطة» و علي هذا الأساس حلّ للحاكم السياسي الّذي حاول أن يدفن حادثة عاشوراء أن يتّخذ كلّ وسيلة لذلك، و لو كانت منافية للدين و الاخلاق ففي سبيل إطفاء شعلة عاشوراء و دفن قضيّة كربلاء، و لجأوا إلي اختلاق أخبار جعلوها أحاديث و نسبوها إلي جدّ الحسين عليه السّلام إلّا انّ عدم التنسيق في وسائل الأعلام لهؤلاء الحكّام جعلها متخالفة متضاربة.
أتوا بهذه الأخبار العظيمة و الكثيرة العدد بغية دفن قضيّة كربلاء، و لكن فشلوا و بقيت قضيّة كربلاء علي ما هي عليه، القضيّة العظيمة جدّا: استحلال دم
ص: 149
الحسين عليه السّلام.
و قد أصاب الشريف الرضي رضي اللّه عنه في وصف هذا الأمر، إذ قال:
كانت مآتم بالعراق تعدّها * أمويّة بالشام من أعيادها
جعلت رسول اللّه من خصمائها * فلبئس ما ادّخرت ليوم معادها
نسل النّبيّ علي صعاب مطيّها * و دم النّبيّ علي رءوس صعادها (1)
و ممّا يؤيّد أنّ الاعلان عن عاشوراء كعيد و من بدع الأمويّين هو ما ورد أنّ معاوية أيضا عبّر عن عاشوراء بالعيد، و لم يعهد من أحد لا من النبيّ الكريم صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و لا من الصحابة التعبير عنه بالعيد، اللّهمّ إلّا أن يكون الصحابي أمويّا أو عميلا لآل اميّة، أو مستنّا بشرع اليهود.
1- عبد الرّزاق، عن ابن جريج، قال: أخبرني يحيي بن محمد بن عبد اللّه صيفي: (2) انّ عمرو بن أبي يوسف- أخا بني نوفل- أخبره أنّه سمع معاوية علي المنبر يقول: إنّ يوم عاشوراء يوم عيد فمن صامه فقد كان يصام، و من تركه فلا حرج. (3)
بالنظر إلي هذا النصّ يعرف أنّ معاوية هو أوّل من أطلق علي يوم عاشوراء صفة العيد، و لعلّ معاوية خاصة و الأمويّين عامّة كانوا يتوقّعون مقتل الحسين الشهيد عليه السّلام يوم عاشوراء لأنّهم كانوا يعنون عناية خاصّة بأخبار الملاحم (4) و الفتن المأثورة عن النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و عن علي عليه السّلام، و في جملة الملاحم أخبار كثيرة حول مقتل الامام الحسين، و اليوم الّذي يقتل فيه، و الأرض الّتي يقتل فيها.
قد يقال: نسب في بعض النصوص إلي النبيّ صلّي اللّه عليه و آله و سلّم تسمية العيد لهذا اليوم.
ص: 150
عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم: عاشوراء عيد نبي كان قبلكم فصوموه أنتم». (1)
و لكنّ فيه: أوّلا: في سنده إبراهيم الهجري، و قد ضعّفه الأئمّة- كما قال الهيثمي،- (2) منهم: ابن عيينة و يحيي بن معين و النسائي. (3)
ثانيا: أورد الحافظ زين الدين الحنبلي هذا النصّ عن الهجري و ليس فيه كلمة عيد، و إليك نصّه: عاشوراء كانت تصومه الأنبياء فصوموه أنتم». (4)
ثالثا: رغم التتبّع و مراجعة الأحاديث (5) لم نعثر علي نصّ يعبّر عن هذا اليوم بالعيد غير ما نقله الهجري، ممّا يثير و يقوّي شبهة الوضع فيما نقله الهجري أو الزيادة سيّما و انّه ضعيف عند ائمّة الرجال. نعم، في البخاري: كان يوم عاشوراء تعدّه اليهود عيدا.
رابعا: وصف عاشوراء بالعيد علي عهد الأنبياء السابقين لا يلازم كونه عيدا علي عهد النبيّ الكريم أيضا.
حيث انتهينا إلي ما يرتكبه الأمويّون و عملاؤهم يوم عاشوراء و يأمرون العامّة بارتكابه من البدع يستهدفون دفن عاشوراء و قضيّة كربلاء الحسين عليه السّلام … لا بأس بالاشارة هنا إلي ما ينبغي فعله في هذا اليوم مواساة لأهل بيت الرسول عليهم السّلام ممّا وصل
ص: 151
إلينا و كلّفنا به من الأئمّة الطاهرين عليهم السّلام، و قد ذكرنا طائفة منها في فصل «موقف أهل البيت عليهم السّلام» و فيما يلي نصوص اخري و كلمات الفقهاء رضوان اللّه عليهم:
أ- ابن طاوس: روينا ذلك باسنادنا إلي الشيخ أبي جعفر الطوسي فيما رواه عن جابر الجعفي، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من بات عند قبر الحسين ليلة عاشوراء لقي اللّه يوم القيامة ملطّخا بدمه، و كأنّما قتل معه في عرصة كربلاء. (1)
ب- و عنه: و قال شيخنا المفيد في كتاب التواريخ الشرعيّة: و روي أنّ من زار و بات عنده في ليلة عاشوراء حتي يصبح حشره اللّه تعالي ملطّخا بدم الحسين عليه السّلام في جملة الشهداء معه. (2)
ج- ابن قولويه: عن جابر الجعفي، قال: دخلت علي جعفر بن محمّد عليه السّلام في يوم عاشوراء، فقال لي: هؤلاء زوّار اللّه و حقّ علي المزور أن يكرم الزائر، من بات عند قبر الحسين ليلة عاشوراء لقي اللّه يوم القيامة ملطّخا بدمه كأنّما قتل معه في عصره، و قال: من زار قبر الحسين عليه السّلام ليوم عاشوراء أو بات عنده كان كمن استشهد بين يديه. (3)
د- و عنه: عن حريز، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من زار الحسين يوم عاشوراء وجبت له الجنّة. (4)
ه- و عنه: عن زيد الشحّام، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام، قال: من زار قبر الحسين بن علي عليه السّلام يوم عاشوراء عارفا بحقّه كان كمن زار اللّه في عرشه. (5)
ص: 152
و- و عنه: عن محمد بن جمهور العمّي، عمّن ذكره، عنهم عليه السّلام، قال: من زار قبر الحسين عليه السّلام يوم عاشوراء كان كمن تشحّط بدمه بين يديه. «(1)
ز- و عنه: روي محمد بن أبي سيّار المدائني، بإسناده قال: من سقي يوم عاشوراء عند قبر الحسين عليه السّلام كان كمن سقي عسكر الحسين و شهد معه. (2)
ح- و عنه: … عن يزيد الشحّام، عن جعفر بن محمّد عليه السّلام قال: من زار الحسين …
و من زاره يوم عاشوراء فكأنّما زار اللّه فوق عرشه. (3)
ط- المفيد: روي أنّ من أراد أن يقضي حقّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم و حقّ أمير المؤمنين و حقّ فاطمة عليهما السّلام فليزر الحسين عليه السّلام يوم عاشوراء. (4)
ي- و عنه: روي أنّ من زار الحسين عليه السّلام في يوم عاشوراء غفر اللّه له ما تقدّم من ذنبه و ما تأخّر. «(5)
ك- الطوسي: عن صالح بن عقبة، عن أبيه، عن أبي جعفر عليه السّلام قال: من زار الحسين عليه السّلام في يوم عاشوراء من المحرّم حتي يظلّ عنده باكيا لقي اللّه عزّ و جلّ يوم يلقاه بثواب ألفي حجّة و ألفي عمرة و ألفي غزوة، و ثواب كلّ حجّة و عمرة و غزوة كثواب من حجّ و اعتمر و غزا مع رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم … (6)
قال ابن طاوس: أعلم أنّ هذه الليلة أحياها مولانا الحسين عليه السّلام و أصحابه بالصلوات و الدعوات، و قد أحاط بهم زنادقة الإسلام ليستبيحوا منهم النفوس
ص: 153
المعظّمات، و ينتهكوا منهم الحرمات، و يسبوا نساءهم المصونات، فينبغي لمن أدرك هذه الليلة أن يكون مواسيا لبقايا أهل آية المباهلة و آية التطهير فيما كانوا عليه في ذلك المقام الكبير و علي قدم الغضب مع اللّه جلّ جلاله و رسوله صلوات اللّه عليه و الموافقة لهما فيما جرت الحال عليه و يتقرّب إلي اللّه جلّ جلاله بالاخلاص من موالاة أوليائه و معاداة أعدائه.
أمّا فضل إحيائها:
1- فقد رأينا في كتاب دستور المذكّرين بإسناده عن النبي صلّي اللّه عليه و آله و سلّم قال: قال رسول اللّه صلّي اللّه عليه و آله و سلّم من أحيا ليلة عاشوراء فكأنّما عبد اللّه عبادة جميع الملائكة و أجر العامل فيها كأجر سبعين سنة. (1)
أقول: و مؤلّفه كما مرّ سابقا هو محمد بن أبي بكر أو محمد بن عمر أبو عيسي المديني الشافعي و لم يضمن ابن طاوس صحّة الرواية، و لذا قال: رأينا في كتاب دستور المذكّرين فيمكن العمل بها من باب التسامح في أدلّة السنن علي مبني جعل العمل مستحبّا أو …
2- و عن علي عليه السّلام: إن استطعت أن تحافظ علي … ليلة عاشوراء فافعل و أكثر فيهنّ من الدعاء و الصلاة و تلاوة القرآن. (2)
- فيه أعمال و تكاليف، و فيما يلي بعضها:
قال ابن طاوس: إنّ أقلّ مراتب يوم عاشوراء أن تجعل قتل مولانا الحسين
ص: 154
صلوات اللّه عليه و قتل من قتل معه من الأهل و الأبناء مجري والداك «ولديك»، أو بعض من يعزّ عليك، فكن في يوم عاشوراء كما كنت تكون عند فقدان أخصّ أهلك بك و أقربهم إليك، فأنت تعلم أنّ موت أحد من أعزّتك ما فيه ظلم لك و لا لهم، و لا كسر حرمة الإسلام و لا كفر الأعداء لحرمتك.
فاجتهد أن يراك اللّه جلّ جلاله انّ كلّما يعزّ عليه يعزّ عليك، و أن يراك رسوله عليه السّلام انّ كلّما هو إساءة إليه فهو اساءة إليك. فكذا يكون من يريد شرف الوفاء للّه جلّ جلاله و لرسوله و لخاصّته، و كذا يكون من يريد أن يكون اللّه جلّ جلاله و رسوله و أولياؤه عليه و عليهم السلام معه عند نكبته، أو حاجته، أو ضرورته، فإنّه إذا كان معهم في الغضب و الرضا و اللذّة و السرور كانوا معه عند مثل تلك الامور. «(1)
أ- عن الامام أبي جعفر الباقر عليه السّلام: … ثمّ ليندب الحسين عليه السّلام و يبكيه و يأمر من في
داره ممّن لا يتّقيه بالبكاء عليه، و يقيم في داره المصيبة بإظهار الجزع عليه، و ليعزّ بعضهم بعضا بمصابهم بالحسين عليه السّلام. (2)
ب- عن الامام الرضا عليه السّلام: من كان يوم عاشوراء يوم مصيبته و حزنه جعل اللّه يوم القيامة يوم فرحه و سروره، و قرّت بنا في الجنّة عينه. (3)
ج- قال ابن طاوس: فمن مهمّات يوم عاشوراء عند الأولياء المشاركة للملائكة و الأنبياء و الأوصياء في العزاء لأجل ما ذهب من الحرمات الإلهيّة و درس من المقامات النبويّة، و ما دخل و يدخل علي الإسلام بذلك العدوان من الذلّ و الهوان، و ظهور دولة إبليس و جنوده علي دولة اللّه جلّ جلاله و خواص عبيده، فليجلس
ص: 155
الانسان في العزاء لقراءة ما جري علي ذرّيّة سيّد الأنبياء صلوات اللّه جلّ جلاله عليه و عليهم و ذكر المصائب الّتي تجدّدت بسفك دمائهم و الإساءة إليهم.
د- و قد اقيم العزاء يوم عاشوراء في دمشق في اجتماع حافل، و قد رثي سبط ابن الجوزي الحسين بن علي و أجهش الناس بالبكاء، فعن ابن كثير: … كان مجلس وعظ سبط بن الجوزي مطربا، و صوته فيما يورده حسنا طيّبا، و قد سئل في يوم عاشوراء زمن الملك الناصر صاحب حلب أن يذكر للناس من مقتل الحسين عليه السّلام، فصعد المنبر و جلس طويلا لا يتكلّم، ثمّ وضع المنديل علي وجهه و بكي شديدا، ثمّ أنشأ يقول و هو يبكي:
و يل لمن شفعاؤه خصماؤه * و الصور في نشر الخلائق ينفخ
لا بدّ أن ترد القيامة فاطم * و قميصها بدم الحسين ملطّخ
ثمّ نزل عن المنبر و هو يبكي، و صعد إلي الصالحية و هو كذلك رحمه اللّه. (1)
أ- عن الامام الرضا عليه السّلام انّه قال: من ترك السعي في حوائجه يوم عاشوراء قضي اللّه له حوائج الدنيا و الآخرة. (2)
ب- عن الامام الباقر عليه السّلام: … و إن استطعت أن لا تنتشر يومك في حاجة فافعل فإنّه يوم نحس لا تقضي فيه حاجة مؤمن، و إن قضيت لم يبارك له فيها، و لم ير فيها رشدا. (3)
قال ابن طاوس: اعلم أنّنا ذكرنا أنّ يوم عاشوراء يكون علي عوائد أهل
ص: 156
المصائب في العزاء، و يمسك الانسان عن الطعام و الشراب إلي آخر نهار يوم المصاب، ثمّ يتناول تربة شريفة و يقول من الدعوات ما قدّمناه عند تناول المأكولات في غير هذا الجزء من المصنّفات، و نزيد علي ما ذكرناه أن نقول: اللّهمّ إنّنا أمسكنا عن المأكول و المشروب حيث كان أهل النبوّة في الحروب و الكروب، و أمّا حيث حضر وقت انتقالهم بالشهادة إلي دار البقاء، و ظفروا بمراتب الشهداء و السعداء، و دخلوا تحت بشارات الآيات بقولك جلّ جلالك: وَ لٰا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوٰاتاً بَلْ أَحْیءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ. (1)
فنحن لهم موافقون، فنتناول الطعام الآن حيث إنّهم يرزقون في ديار الرضوان مواساة لهم في الامساك و الاطلاق، فاجعل ذلك سببا لعتق الأعناق، و اللحاق بهم في درجات الصالحين، برحمتك يا أرحم الراحمين. (2)
أقول: الامساك هنا ليس بمعني الصوم، بل لعلّه إشارة إلي رواية ابن سنان: صم من غير تبييت، و ليكن إفطارك بعد العصر …
أ- عن الامام الصادق عليه السّلام: فإذا فرغت من ذلك- الصلاة- وقفت في موضعك الّذي صلّيت فيه و قلت سبعين مرّة: اللّهمّ عذّب الّذين حاربوا رسلك، و شاقّوك و عبدوا غيرك، و استحلّوا محارمك، و العن القادة و الأتباع و من كان منهم و من رضي بفعلهم لعنا كثيرا. (3)
ب- و قال الامام الصادق عليه السّلام أيضا: تقول في قنوتك: اللّهمّ إنّ الامّة خالفت الأئمّة، و كفروا بالكلمة، و أقاموا علي الضلالة و الكفر، و الردي و الجهالة و العمي، و
ص: 157
هجروا الكتاب الّذي أمرت بمعرفته، و الوصيّ الّذي أمرت بطاعته، فأماتوا الحقّ، و عدلوا عن القسط، و أضلّوا الامّة عن الحقّ، و خالفوا السنّة، و بدّلوا الكتاب، و ملكوا الأحزاب، و كفروا بالحقّ لمّا جاءهم، و تمسّكوا بالباطل، و ضيّعوا الحق، و أضلّوا خلقك، و قتلوا أولاد نبيّك، و خيرة عبادك و أصفيائك، و حملة عرشك، و خزنة سرّك، و من جعلتهم الحكّام في سماواتك و أرضك.
اللّهمّ فزلزل أقدامهم، و أخرب ديارهم، و اكفف سلاحهم و أيديهم و ألق الاختلاف فيما بينهم، و أوهن كيدهم، و اضربهم بسيفك الصارم، و حجرك الدامغ، و طمّهم بالبلاء طمّا، و ارمهم بالبلاء رميا، و عذّبهم عذابا شديدا نكرا، و ارمهم بالغلاء، و خذهم بالسنين الّذي أخذت بها أعداءك، و أهلكهم بما أهلكتهم به اللّهمّ و خذهم أخذ القري و هي ظالمة إنّ أخذها أليم شديد. (1)
من دعاء علّم به الصادق عليه السّلام عبد اللّه بن سنان يقرؤه بعد الصلاة يوم عاشوراء:
اللّهمّ فرّج عن أهل محمد أجمعين، و استنقذهم من أيدي المنافقين و الكفّار و الجاحدين، و امنن عليهم و افتح لهم فتحا يسيرا، و اجعل لهم من لدنك علي عدوّك و عدوّهم سلطانا نصيرا. (2)
لقد عنون ابن طاوس الفصل الرابع عشر من كتابه بهذا العنوان ثمّ نقل الزيارة الواردة من الناحية المقدّسة و الّتي تتضمّن قائمة بأسماء شهداء كربلاء. (3)
ذهب جماعة كثيرة من علمائنا الأعلام و فقهائنا الكرام إلي
ص: 158
استحباب لبس السواد في مأتم مولانا الحسين قولا و فعلا: كالفقيه المحدّث البحراني في الحدائق، و الدربندي في الأسرار، و السيّد إسماعيل العقيلي النوري في وسيلة المعاد في شرح نجاة العباد، و المحدّث النوري في المستدرك، و الشيخ زين العابدين المازندراني في ذخيرة المعاد، و الشيخ محمد تقي الشيرازي و الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء في حاشيته علي العروة، و الشيخ محمد علي النخجواني في الدعاة الحسينيّة، و السيّد حسن الصدر في تبيين الرشاد في لبس السواد علي الأئمّة الأمجاد، و الشيخ أبي الفضل الطهراني في شفاء الصدور، و قد كان بعض الفقهاء يلبس السواد طيلة هذين الشهرين كالفقيه السيّد حسين القمّي، و السيّد الحكيم، و غيره … (1)
و يؤيّده ما أورده البرقي: عن عمر بن زين العابدين عليه السّلام أنّه قال: لمّا قتل جدّي الحسين عليه السّلام لبس نساء بني هاشم في مأتمه السواد و المسوح، و كنّ لا يشتكين من حرّ و لا برد، و كان عليّ بن الحسين عليه السّلام يعمل لهنّ الطعام للمأتم. (2)
إذ من المستبعد عدم اطّلاع الامام علي اتّفاقهنّ علي لبس السواد و لم يمنعهنّ، فهو تقرير منه عليه السّلام. (3)
و هناك أعمال و أدعية و زيارات اخري تطلب من مظانّها.
اللّهمّ ارزقني شفاعة الحسين يوم الورود، و ثبّت لي قدم صدق عندك مع الحسين و اصحاب الحسين الّذين بذلوا مهجهم دون الحسين عليه السّلام
وَ الْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعالَمِينَ*.
ص: 159
ص: 160
أ
1- القرآن الكريم
2- أجود التقريرات، للسيد أبي القاسم الخوئي، ت 1413 ه، مكتبة الفقيه، قم.
3- اختيار معرفة الرجال (المعروف برجال الكشي) للشيخ الطوسي محمد بن الحسن، ت 460 ه جامعة مشهد المقدس، ايران.
4- أدوار الفقه، محمود شهابي.
5- إرشاد الأذهان، أبو منصور، الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي، ت 726 ه، جماعة المدرسين، قم المقدسة.
6- إرشاد الساري، للعسقلاني، ت 623 ه، دار التراث العربي، بيروت.
7- إشارة السبق، علاء الدين الحلبي، ت 708 ه، جماعة المدرسين، قم المقدسة.
8- إرشاد العباد إلي استحباب لبس السواد، ميرزا جعفر الطباطبائي، ت 1321 ه، المطبعة
ص: 161
العلمية- قم.
9- اقتضاء الصراط المستقيم، للحراني، ت 758 ه، مكتبة الرياض الحديثة.
10- الآثار الباقية، لأبي ريحان البيروني، ت 543 ه.
11- الاختصاص، للمفيد، ت 413 ه، نشر جماعة المدرسين، قم المقدسة.
12- الاستبصار، للشيخ الطوسي- شيخ الطائفة- ت 460 ه، المكتبة المرتضوية، طهران.
13- الاستيعاب في معرفة الأصحاب، لابن عبد البر، ت 463 ه، دار الكتب العلمية، بيروت.
14- الأسرار المرفوعة، المعروف بالموضوعات الكبري، لملا علي القاري، ت 1014 ه المكتب الإسلامي بيروت.
15- الاقتصاد الهادي إلي الرشاد، لشيخ الطائفة الطوسي، ت 460 ه، مكتبة جامع چهلستون، طهران.
16- الأمالي للصدوق، محمد بن علي بن الحسين، ت 381 ه دار الأعلمي، بيروت.
17- الأمالي للطوسي، ت 460 ه، مؤسسة البعثة، قم المقدسة.
18- الأمالي للمرتضي، علي بن الحسين الموسوي، ت 436 ه، مكتبة المرعشي، قم المقدسة.
19- الأمالي للمفيد، ت 413 ه، جماعة المدرسين، قم المقدسة.
20- الإصابة، لابن حجر العسقلاني، ت 852 ه، دار الكتاب، بيروت.
21- أقرب الموارد، للشرتوني، سعيد الخوري، ت 1289، مكتبة النجفي، قم المقدسة.
ب
22- بحار الأنوار، للمجلسي، شيخ الإسلام محمد باقر، ت 1111 ه، مؤسسة الوفاء، بيروت.
23- بدائع الصنائع، للكاشاني، علاء الدين، ت 587 ه، دار الكتب العلمية، بيروت.
24- بداية الهداية، للشيخ الحر العاملي، ت 1104 ه، آل البيت، قم المقدسة.
25- البداية و النهاية، لابن كثير، ت 774، مكتبة المعارف، بيروت.
26- بلوغ المرام، لابن حجر العسقلاني، ت 852 ه، دار الخير، دمشق.
ص: 162
ت
27- التاج الجامع للأصول، للشيخ منصور علي ناصف، ت 1371، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
28- تاج العروس من جواهر القاموس، محمد مرتضي الزبيدي، ت 1205 ه، المطبعة الخيرية، مصر.
29- تاريخ الأمم و الملوك، للطبري، محمد بن جرير، ت 310، دار المعرفة، بيروت.
30- تاريخ الإسلام، للذهبي، ت 748، دار الكتاب العربي، بيروت.
31- تاريخ بغداد، للخطيب البغدادي، ت 463 ه، دار الكتب العلمية، بيروت.
32- تاريخ الحضارة الإسلاميّة، آدم متز، بيروت.
33- تاريخ نجوم الإسلامي، نيلتو- ترجمة أحمد آرام.
34- تحرير الأحكام، للعلامة الحلي، ت 726 ه، مؤسسة آل البيت، قم المقدسة.
35- تذكرة الحفاظ، للذهبي، ت 748 ه، دار الكتب العلمية، بيروت.
36- تذكرة الفقهاء، للعلامة الحلي، ت 726 ه، مؤسسة آل البيت- قم.
37- التعجب، للكراجكي، ت 449 ه، نشر دار الغدير، قم المقدسه.
38- تفسير التبيان، للشيخ الطوسي، ت 460 ه، مكتب الإعلام الإسلامي، قم المقدسة.
39- تفسير الدر المنثور، للسيوطي، ت 911 ه، نشر محمد أمين، بيروت.
40- تفسير الصافي، للفيض الكاشاني، ت 1091 ه، مؤسسة الأعلمي، بيروت.
41- تفسير مجمع البيان، للطبرسي، أبو علي الفضل بن الحسن، ت 548 ه، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
42- التفسير الكبير، للفخر الرازي، ت 606 ه، مكتب الإعلام الإسلامي، قم المقدسة.
43- تفسير كنز الدقائق، للميرزا أحمد المشهدي، ت 1125 ه، مؤسسة جماعة المدرسين، قم المقدسة.
44- تفسير الميزان، للعلامة الطباطبائي، ت 1402 ه، دار الكتب الإسلامية طهران.
ص: 163
45- تقريب التهذيب، لابن حجر العسقلاني ت 852 ه، دار المعرفة، بيروت.
46- تقرير أبحاث الشيخ الوحيد، بقلم نجم الدين الطبسي. (مخطوط)
47- تقرير أبحاث الشيخ الوحيد، بقلم السيّد أحمد مير مهدي. (مخطوط)
48- تنزيه الشريعة عن الأخبار الشنيعة، أبو الحسن علي بن محمد بن عراق الكناني، ت 963 ه، دار الكتب العلمية، بيروت.
49- تنقيح المقال، للشيخ عبد اللّه المامقاني، ت 1351 ه، المطبعة المرتضوية، النجف الاشرف.
50- تهذيب الأحكام، للشيخ الطوسي، ت 460 ه، دار الكتب الإسلامية، طهران.
51- تهذيب التهذيب، لابن حجر العسقلاني، ت 852 ه، دار الفكر، بيروت.
52- التهذيب في فقه الشافعي، للبغوي، ت 516 ه، دار الكتب العلمية، بيروت.
53- تهذيب الكمال، للمزي، ت 742 ه، مؤسسة الرسالة، بيروت.
54- التوشيح علي الجامع الصحيح، للسيوطي، ت 911 ه، دار الكتب العلمية، بيروت.
55- توضيح المسائل، للبروجردي ت 1380 ه.
56- توضيح المسائل، للحكيم، ت 1390 ه، مطبعة النعمان، النجف الاشرف، 1381.
57- توضيح المسائل، للخميني ت 1409 ه.
58- توضيح المسائل، للخوئي ت 1413 ه.
59- توضيح المسائل، للخاقاني ت 1406 ه.
60- توضيح المسائل، للسيستاني.
61- توضيح المسائل، للشاهرودي، ت 1392 ه، مطبعة زنگين، طهران، 1381.
62- توضيح المسائل، للقمي، ت 1366 ه، المطبعة العلمية، النجف الاشرف، طهران.
63- توضيح المسائل، للمرعشي، مكتبة حافظ، طهران.
64- توضيح المسائل، للوحيد الخراساني، مدرسة باقر العلوم، قم المقدسة.
ج
65- جامع أحاديث الشيعة، تحت إشراف السيّد البروجردي، ت 1380 ه، نشر مدينة العلم، قم المقدسة.
ص: 164
66- الجامع الصحيح، لأبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري، ت 261 ه، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
67- جامع عباسي، للشيخ بهاء الدين العاملي، ت 1031 ه، مؤسسة فراهاني، طهران.
68- جامع المدارك، للسيد أحمد الخوانساري، ت 1405 ه، نشر مكتبة الصدوق، طهران.
69- جامع المقاصد للمحقق الكركي، ت 940 ه، مؤسسة آل البيت، قم المقدسة.
70- الجامع للشرائع، ليحيي بن سعيد الحلي، ت 690، مؤسسة سيد الشهداء، قم المقدسة.
71- الجعفريات، لإسماعيل بن موسي بن جعفر عليه السّلام برواية محمد بن محمد بن الأشعث
72- الكوفي، الطبعة الحجرية، المطبعة الإسلامية.
73- الجمهرة في اللغة، محمد بن الحسن بن دريد، ت 321 ه، دار العلم للملايين.
74- جمهرة النسب، لابن الكلبي، ت 204 ه دار اليقظة العربية، دمشق.
75- جواهر الكلام، للشيخ محمد حسن النجفي، ت 1266، دار الكتب الإسلامية، طهران.
ح
76- حاشية الجمل علي شرح المنهج، للشيخ سليمان الجمل، دار الفكر بيروت.
77- الحدائق الناضرة، للشيخ يوسف البحراني، ت 1107، جماعة المدرسين، قم المقدسة.
78- حلية العلماء، أبو بكر الشاشي، ت 507 ه، مؤسسة الرسالة الحديثية، بيروت.
79- حياة الامام الحسين للشيخ باقر القرشي، نشر مدرسة الإيرواني، قم المقدسة.
80- حياة الحيوان، للدميري الشافعي، ت 808 ه، دار الاعتصام، بيروت.
خ
81- الخطط (المواعظ و الاعتبار) تقي الدين المقريزي، ت 845 ه، دار صادر بيروت.
د
82- دائرة المعارف الإسلامية، دار المعرفة، بيروت 1933.
ص: 165
83- دائرة المعارف للبستاني، ت 1301 ه، دار المعرفة، بيروت.
84- دائرة المعارف للمصاحب.
85- الدراري المضيئة، لمحمد بن علي الشوكاني، ت 1220، دار المعرفة، بيروت.
86- دراسات فقهية، نجم الدين الطبسي، مكتب الإعلام الإسلامي، قم المقدسة.
87- الدروس الشرعية في فقه الامامية، للشهيد الأوّل، محمد بن جمال الدين مكي العاملي، ت 786 ه، جماعة المدرسين، قم المقدسة.
88- دعائم الإسلام، للنعمان بن محمد بن منصور التيمي المغربي، ت 363 ه، آل البيت، قم المقدسة.
89- دلائل النبوة، للبيهقي، ت 458 ه، دار الفكر، بيروت.
ذ
90- ذخيرة الصالحين، (مخطوط) للشيخ محمد رضا الطبسي، 1405 ه.
91- ذخيرة المعاد، للشيخ زين العابدين المازندراني، ت 1308 ه، مطبعة رياض الرضا الهند.
ر
92- الذريعة إلي تصانيف الشيعة، للشيخ آغا بزرگ الطهراني، ت 1389 ه، المكتبة الإسلامية، طهران.
93- رجال النجاشي، لأحمد بن علي بن عبّاس النجاشي، ت 450 ه، نشر جماعة المدرسين، قم المقدسة.
94- الرسالة العاشورائية، للشيخ أحمد بن صالح الطعّان، ت 1251 ه، ضمن مجموعة الرسائل الاحمدية، تحقيق و نشر دار المصطفي لإحياء التراث، قم المقدسة.
95- الرسائل التسع، للمحقق الحلي، ت 676 ه، مكتبة النجفي، قم المقدسة.
96- الرسائل العشر، جمال الدين بن فهد الحلي، ت 841 ه، مكتبة النجفي، قم المقدسة.
97- رسائل فقهية- للأنصاري، ت 1281 ه، المؤتمر العالمي بمناسبة الذكري المئوية الثانية، لميلاد الشيخ الأنصاري.
98- روضة المتّقين، محمد تقي المجلسي الأوّل، ت 1070 ه نشر مؤسسة كوشانپور، طهران.
ص: 166
99- رياض المسائل، للسيد علي الطباطبائي، ت 1231 ه، مؤسسة آل البيت، قم المقدسة.
ز
100- زاد المعاد، لشيخ الإسلام، العلّامة المجلسي، ت 1111 ه، نشر سعدي، طهران.
س
101- سبل السلام، محمد بن إسماعيل الصنعاني، 1182 ه، دار الريان، القاهرة.
102- السرائر، لابن إدريس العجلي الحلي، ت 598 ه، نشر جماعة المدرسين، قم.
103- سفينة البحار، للشيخ عبّاس القمي، ت 1359 ه، دار الأسوة، قم المقدسة.
104- السنن الكبري، للبيهقي، ت 458 ه، دار المعرفة، بيروت.
105- السنن لأبي داود، سليمان بن الأشعث، السجستاني، ت 275 ه، دار إحياء السنة النبوية، بيروت.
106- السنن لابن ماجة، محمد بن يزيد القزويني، ت 275 ه، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
107- السنن للترمذي، (الجامع الصحيح) محمد بن عيسي بن سورة الترمذي ت 297 ه، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
108- السنن للدارمي، عبد اللّه الدارمي، ت 255 ه، دار الكتاب العربي، بيروت.
109- السنن للنسائي، أبو عبد الرحمن، أحمد بن شعيب، ت 303 ه، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
ش
110- شذرات الذهب، لابن عماد الحنبلي، ت 1089، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
111- شرائع الإسلام، للمحقق الحلي، ت 676 ه، مطبعة الآداب، النجف الأشرف.
112- الشرح الصغير، للسيد علي الطباطبائي، ت 1231 ه، مكتبة النجفي، قم المقدسة.
113- شرح الزرقاني، عبد الباقي الزرقاني، ت 1099 ه، طبع عيسي الجبلي، مصر.
ص: 167
ص
114- صحاح اللغة، لإسماعيل بن حماد الجوهري، ت 396 ه، دار العلم للملايين.
115- صحيح البخاري، محمد بن إسماعيل البخاري، ت 256 ه، دار المعرفة بيروت.
ض
116- الضعفاء الكبير، محمد بن عمر العقيلي، ت 322 ه، الدار العلمية، بيروت.
ع
117- العبر في أخبار من غبر، للذهبي، ت 748 ه، دار الكتب العلمية، بيروت.
118- عجائب المخلوقات، للشيخ أبي عبد اللّه القزويني الكموني، ت 682 ه، مطبوع مع حياة الحيوان للدميري.
119- العروة الوثقي، للسيد كاظم اليزدي، ت 1337 ه، دار الكتب الإسلامية، طهران.
120- عمدة القاري، لبدر الدين العيني، ت 855 ه، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
121- علل الشرائع، للصدوق، محمد بن علي بن الحسين، ت 381 ه، المكتبة، الحيدرية، النجف الأشرف.
122- العين للفراهيدي، ت 175 ه، دار الأسوة، قم المقدسة.
غ
124- الغارات، أبو اسحاق، إبراهيم بن محمد الثقفي، ت 238 ه، دار الأضواء، بيروت.
125- غاية المراد، محمد بن جمال الدين العاملي (الشهيد الأوّل) ت 786 ه، جماعة المدرسين، قم المقدسة.
126- غنائم الأيّام، للمحقق أبي القاسم القمي، ت 1231 ه، مكتب الإعلام الإسلامي، فرع خراسان.
127- غنية النزوع، لأبي المكارم ابن زهرة، ت 585 ه، مؤسسة الإمام الصادق عليه السّلام، قم المقدسة.
ص: 168
ف
128- فتح الباري، لابن حجر العسقلاني، ت 852 ه، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
129- فرائد السمطين، إبراهيم بن محمد الجويني، ت 730 ه مؤسسة المحمودي، بيروت.
130- الفقه المنسوب إلي الرضا عليه السّلام، نشر المؤتمر العالمي للإمام الرضا عليه السّلام، مشهد المقدس.
131- الفقه علي المذاهب الأربعة، عبد الرحمن الجزيري، ت 1360 ه، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
132- الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة، للشوكاني، ت 1250 ه، دار الكتب العلمية، بيروت.
ق
133- قاموس الرجال، لمحمد تقي التستري، ت 1415 ه، نشر جماعة المدرسين، قم المقدسة.
134- القاموس المحيط، للفيروزآبادي، ت 817 ه، مؤسسة الحلبي، القاهرة.
ك
135- الكافي، للكليني، محمد بن يعقوب الرازي، ت 328 ه، المطبعة الإسلامية، طهران.
136- الكافي في الفقه، لأبي الصلاح الحلبي، ت 447 ه، مكتبة الإمام امير المؤمنين عليه السّلام، أصفهان.
137- الكامل في التاريخ، لأبي الحسن، المعروف بابن الاثير، ت 630 ه، نشر دار صادر، بيروت.
138- الكامل في الضعفاء، عبد اللّه بن عدي الجرجاني، ت 365 ه، دار الفكر بيروت.
139- كامل الزيارات، لأبي القاسم ابن قولويه القمي، ت 368 ه، مكتبة الصدوق طهران.
140- كتاب المقدس، تلمود.
141- الكفاية في الأصول، للشيخ كاظم الخراساني، المعروف بالآخوند، ت 1281 ه، مؤسسة آل البيت، قم المقدسة.
142- كفاية الأحكام للسبزواري، محمد باقر بن محمد مؤمن، ت 1090 ه، نشر مهدوي، أصفهان.
ص: 169
143- كشف الظنون، مصطفي بن عبد اللّه المعروف بحاجي خليفة، ت 1067 ه، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
144- كشف الغطاء للشيخ جعفر كاشف الغطاء، ت 1228 ه، نشر مهدوي، أصفهان.
145- كليات في علم الرجال، للشيخ جعفر السبحاني، جماعة المدرسين، قم المقدسة.
146- الكني و الألقاب، للشيخ عبّاس القمي، ت 1359 ه، مكتبة الصدر، طهران.
147- كنز العمال، للمتقي الهندي، ت 975 ه، مؤسسة الرسالة، بيروت.
ل
148- اللآلئ المصنوعة، للسيوطي، ت 911 ه، دار الكتب العلمية، بيروت.
149- لسان العرب، لابن منظور، محمد بن مكرم الافريقي، ت 711 ه، أدب الحوزة، قم المقدسة.
150- لطائف المعارف، للحافظ زين الدين الحنبلي، ت 795 ه، دار ابن كثير، دمشق.
م
151- مجمع الأمثال، للميداني، أبي الفضل النيسابوري، ت 518 ه، دار الجيل، بيروت.
152- مجمع البحرين، للطريحي، فخر الدين، ت 1085، المكتبة المرتضوية، طهران.
153- مجمع الزوائد، للهيثمي، علي بن أبي بكر، 807 ه، دار الكتاب العربي، بيروت.
154- مجمع الفائدة و البرهان، للمولي، أحمد، المحقّق الأردبيلي، ت 933 ه، جماعة المدرسين، قم المقدسة.
155- المجموع، محي الدين بن شرف النووي، ت 676، دار الفكر، بيروت.
156- مجلۀ پيام حوزة (رسالة الحوزة) مجلة فصلية تعني بشؤون الحوزات العلمية، تصدرها اللجنة العليا المشرفة علي الحوزة العلمية بقم المقدسة.
157- مجلة الهادي، دار التبليغ الإسلامي، قم المقدسة.
158- مجلة رسالة الثقلين، إصدار المجمع العالمي لأهل البيت عليهم السّلام.
159- المحاسن، لأبي جعفر محمد بن خالد البرقي، ت 274 ه، دار الكتب الإسلامية، طهران.
ص: 170
160- المحلّي، لابن حزم، ت 456 ه، دار الآفاق الجديدة، بيروت.
161- مختلف الشيعة في أحكام الشريعة، للعلامة الحلي، ت 726 ه، مركز الأبحاث و الدراسات الإسلامية، قم المقدسة.
162- مدارك الاحكام للسيد محمد بن علي الموسوي العاملي، ت 1009 ه، مؤسسة آل البيت قم المقدسة.
163- مرآة العقول، للعلامة المجلسي، محمد باقر، ت 1111، دار الكتب الإسلامية، طهران.
164- المزار، للشهيد الأوّل، مؤسسة المعارف الإسلامية، قم المقدسة.
165- مسارّ الشيعة، للشيخ المفيد، ت 413 ه، (ضمن مجموعة نفيسة) مكتبة البصيرتي، قم المقدسة.
166- مسالك الافهام، إلي شرائع الإسلام، زين الدين الجبعي، (الشهيد الثاني) ت 965 ه، مؤسّسة المعارف الإسلامية، قم.
167- مستدرك سفينة البحار، للشيخ علي النمازي، ت 1405 ه، مؤسسة البعثة، طهران.
168- مستدرك الوسائل، ميرزا حسين الطبرسي، النوري، ت 1320 ه، مؤسسة آل البيت، قم المقدسة.
169- مستدركات علم الرجال، للشيخ علي النمازي، الشاهرودي، ت 1405 ه، المطبعة الحيدرية، طهران.
170- مستند الشيعة، للمولي أحمد بن محمد مهدي النراقي، ت 1244 ه، مؤسسة آل البيت، قم المقدسة.
171- مستند العروة الوثقي، تقرير أبحاث الإمام الخوئي، المطبعة العلمية، قم المقدسة.
172- مسند أحمد بن حنبل، ت 241 ه، دار الفكر، بيروت.
173- مسند الحميدي، أبو بكر عبد اللّه بن الزبير الحميدي، ت 219 ه، المكتبة السلفية، المدينة المنورة.
174- مسند الطيالسي، سليمان بن داود بن الجارود الفارسي، البصري، ت 204 ه، دار المعرفة، بيروت.
ص: 171
175- المصباح، للشيخ تقي الدين إبراهيم بن علي بن الحسن الحارثي العاملي الكفعمي، ت 900 ه، نشر الرضي، قم المقدسة.
176- مصباح الاصول، للسيد سرور البهسودي، مطبعة النجف الاشرف.
177- مصباح المتهجّد، للشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي ت 460 ه، عني بنشره و تصحيحه إسماعيل الانصاري الزنجاني.
178- المصباح المنير، للفيومي، ت 770 ه، نشر دار الهجرة.
179- المصنف لابن أبي شيبة، ت 235 ه، دار السلفية، الهند.
180- المصنف لعبد الرّزاق، للصنعاني، ت 211 ه، المكتب الإسلامي، بيروت.
181- مصنفات الشيخ المفيد، دار المفيد، بيروت.
182- معالي السبطين، للشيخ محمد مهدي المازندراني، تبريز، بازار صفا.
183- معجم رجال الحديث، للسيد أبي القاسم الخوئي 1413 ه، دار الزهراء، بيروت.
184- معجم المؤلفين، عمر رضا كحالة، نشر دار إحياء التراث العربي.
185- المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، محمد فؤاد عبد الباقي، دار الكتب المصرية، القاهرة.
186- المعجم المفهرس لألفاظ الحديث، وضعه: جماعة المستشرقين، مكتبة بريل، لندن.
187- المعجم المفهرس لألفاظ بحار الأنوار، وضعه جماعة المحققين، نشر مكتب الإعلام الإسلامي، قم المقدسة.
188- معجم البلدان، أبو عبد اللّه ياقوت الحموي، ت 626 ه، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
189- المعجم الكبير، سليمان بن أحمد الطبراني، ت 360 ه، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
190- معيار اللغة، ميرزا محمد علي الشيرازي، كان حيا 1273 ه.
191- مفاتيح الشرائع، للفيض الكاشاني، ت 1091 ه، معجم الذخائر الإسلامية، قم المقدسة.
192- مفتاح كنوز السنة، أ، ي فنسنك، دار الباز، مكة المكرمة.
193- المفصّل في تاريخ العرب، الدكتور جواد علي، دار العلم للملايين.
194- المقنعة، محمد بن محمد بن النعمان، ت 413 ه، جماعة المدرسين، قم المقدسة.
195- المقنع، محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، الصدوق، ت 381 ه، دار العلم بيروت.
ص: 172
196- مقباس الهداية، للشيخ عبد اللّه المامقاني، ت 1351 ه، مؤسسة آل البيت، قم المقدسة.
197- منتهي المقال، لأبي علي الحائري، ت 1216 ه، مؤسسة آل البيت، قم المقدسة.
198- منتهي المطلب، للعلامة الحلي، ت 726 ه، حجرية، نشر الحاج أحمد العلماء.
199- من لا يحضره الفقيه، للصدوق، محمد بن علي بن الحسين، ت 381 ه، دار الكتب الإسلامية، طهران.
200- ملاذ الأخيار، للعلامة المجلسي، ت 71111 ه، مكتبة النجفي، قم المقدسة.
201- المهذّب، لابن البراج الطرابلسي، ت 481 ه، جماعة المدرسين، قم المقدسة.
202- المهذّب، لأبي إسحاق الشيرازي، ت 476 ه، عيسي البابي، مصر.
203- مهذّب الأحكام، للسيد عبد الاعلي السبزواري، ت 1414 ه، مؤسسة المنار، قم المقدسة.
204- موارد السجن، نجم الدين الطبسي، نشر مكتب الإعلام الإسلامي، قم المقدسة.
205- الموضوعات، لابن الجوزي، أبو الفرج عبد الرحمن، ت 579 ه، دار الفكر بيروت.
206- ميزان الاعتدال، شمس الدين الذهبي، ت 748 ه، دار المعرفة، بيروت.
ن
207- النجوم الزاهرة، يوسف بن تغري، الأتابكي، ت 874 ه، دار الكتب العلمية، بيروت.
208- النخبة الفيضية، محمد محسن، الفيض الكاشاني، ت 1091 ه مركز الطباعة و النشر لمنظمة الإعلام.
209- نصب الراية، أبو أحمد الزيلعي، ت 762 ه، المكتبة الإسلامية، بيروت.
210- نيل الأوطار، محمد بن علي الشوكاني، ت 1255 ه، دار الكتب العلمية، بيروت.
ه
211- الهداية، للشيخ الصدوق، محمد بن علي بن الحسين القمي، ت 381 ه، دار العلم، قم المقدسة.
ص: 173
و
212- وسائل الشيعة، للشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي، ت 1104 ه، مؤسسة آل البيت، قم المقدسة.
213- وسيلة النجاة، للسيد أبي الحسن الأصفهاني، ت 1365 ه،
214- وسيلة النجاة، مع تعاليق الشيخ محمد رضا الطبسي، ت 1405 ه،.
215- الوافي، للفيض الكاشاني، ت 1091 ه، مكتبة الإمام أمير المؤمنين، أصفهان.
216- الوافي بالوفيات، لصلاح الدين الصفدي، ت 764 ه، جمعية المستشرقين الألمانية.
217- وفيات الأعيان، لابن خلكان، 681 ه، دار التعارف، بيروت.
ص: 174
الصورة
ص: 175
الصورة
ص: 176
الصورة
ص: 177
الصورة
ص: 178
الصورة
ص: 179
الصورة
ص: 180
الصورة
ص: 181
الصورة
ص: 182
الصورة
ص: 183
الصورة
ص: 184
الصورة
ص: 185
1- الأيّام المكّية من عمر النهضة الحسينية (ضمن موسوعة مع الركب
الحسيني)
2- الرجعة في أحاديث الفريقين
3- النفي و التغريب في مصادر التشريع الإسلامي
4- الوهابية دعاوي و ردود
5- تشريع الاذان و فصوله
6- تقييم حديث العشرة المبشرة
7- دراسات فقهية في مسائل خلافيّة
8- صوم عاشوراء بين السنّة النبويّة و البدعة الأمويّة
9- معجم أحاديث الإمام المهدي عليه السّلام- بالاشتراك-
10- موارد السجن في النصوص و الفتاوي
ص: 186
11- إيلام ديار شيعيان گمنام- فارسي-
12- بكارگيري مواد سمّي در جنگ و جبهه- فارسي-
13- پاسخ به برخي شبهات مذهبي- فارسي-
14- تخلف از جنگ- فارسي-
15- چرائي گريه و سوگواري- فارسي-
16- چشم اندازي به حكومت حضرت مهدي عليه السّلام- فارسي-
17- رجال مقارن- فارسي-
18- رجعت از نظر شيعة- فارسي-
19- فرار از جنگ- فارسي-
20- نظام أرتش در إسلام- فارسي-
***
ص: 187